”لو بطلت التمثيل أموت”.. آخر كلمات إبراهيم فرح بطل ”الخواجة عبدالقادر”
كتب عمر أحمد" المحبة تحكم.. المحبة تستر.. المحبة سر عجيب.. فكل حب يتعلق بسبب يزول بزوال السبب، يعنى الحب ما ينفع بسبب لكنه هو نفسه سبب الوجود.. الحبيب حبيب مش عشان جميل ولا كريم ولا لطيف، حبيب بس.. حتى لو منع أو بعد أو غاب" .. حفظ الكثيرون هذه العبارات التى قالها الشيخ عبدالقادر للخواجة هيربرت ، فى مسلسل "الخواجة عبدالقادر"، ليشرح له سر الحب والمحبة، وحفظوا أكثر وجه الشيخ وملامح الصدق والنور التى تنطلق من وجهه ، ليرتبط اسم الفنان إبراهيم فرح الذى رحل عن عالمنا اليوم بشخصية الشيخ عبدالقادر ويشتهر بها عن سائر أدواره حتى أن الكثيرين قد لا يعرفون اسمه الحقيقى ولكنه يعرفونه باسم الشيخ عبدالقادر بوجهه الأسمر ولحيته وملابسه البيضاء .
رحل الفنان الكبير الذى أبدع فيما جسده من أدوار مهما كانت بسيطة، وربما جسدت كلماته عن المحبة فى هذا المشهد الشهير علاقته وحبه للفن والتمثيل.
الفنان الذى جذب الانتباه وأبدع فى هذا الدور المحورى فساهم فى نجاح المسلسل، واستطاع مجاراة عملاق التمثيل يحيى الفخرانى فى المشاهد التى جمعتهما معا يعتقد الكثيرون أنه من أصل سودانى من شدة اتقانه للهجة السودانية، أحب الفن حتى وإن منع أو بعد أو غاب" ، وحتى وإن لم يمنحه ما يستحق من أدوار تتناسب مع موهبته وبراعته الفنية التى أثبتها فى هذا الدور الذى كان من أكثر أدواره مساحة وتأثيرا، وأثبت من خلاله انه يستحق أدوارا أكبر، ولكنه اكتفى بالمتاح.
وخلال آخر حوار للفنان الراحل إبراهيم فرح قال إن جذوره تنتمى إلى محافظة أسوان، وليس كما يُشاع بأنه فنان سوداني .
وخلال هذا الحوار سألناه لماذا لم يعرفه الناس إلا بعد تجاوز عمره الستين قائلين: "كنت فين من زمان ؟ ، فأجاب ضاحكا :"كان نفسى اسمع السؤال ده من زمان".
وتابع : "مريت بظروف خاصة بسبب إصابة والدى فى حادث فاضطررت لترك معهد الفنون المسرحية بعد أسابيع من التحاقى به حتى أعمل وأعين أسرتى لأننى أكبر إخواتى.. وأنا من أسوان ولكننى مواليد السيدة زينب، ووالدي كان موظفا بسيطا فى وزارة الزراعة".
وعن حبه للتمثيل قال :"التمثيل بيجرى فى دمى من الصغر، وكانت أسرتى محبة للفن ، فكان جدى يعزف على العود ، ويمتلك والدى صوتا جميلا ، فكنا نجلس فى ساحة واسعة خلف منزل جدى فى أسوان ونستمع للغناء والعزف ، كما كان أخوالى على درجة كبيرة من الثقافة والقراءة وحب الفن".
وتابع :" فى طفولتى اشتركت بفرق التمثيل بالمدارس ، ومنها تعرفت على الفنان الكبير نور الشريف وكان له تأثير كبير فى حياتى، وبعد حصولى على الثانوية العامة التحقت بمعهد الفنون المسرحية ولكننى تركته بعد اسابيع لأعمل فى شركة الحديد والصلب، ورغم ذلك لم أنقطع عن المعهد ولم أترك الفن فكنت أمثل فى فريق التمثيل بالشركة وأشارك فى مسابقات التمثيل ، حتى فزت بجائزة ممثل أول فى الإلقاء الفردى على مستوى الجمهورية عن تجسيد شخصية حمدى فى مسرحية "ليلى والمجنون" لصلاح عبدالصبور".
لم يكن هذا الفوز حافزا للفنان إبراهيم فرح بل رأى فيه نهاية الطريق الشاق :" قلت خلاص الحكاية صعبة وأنا مش لاقى سكة والوسط الفنى مليان هاروح فين وسط هؤلاء وأنا ظروفى صعبة ، اهتم بالشغل والدخل والمسئوليات".
وكان للصدفة دور كبير فى حياة "الشيخ عبد القادر"، ففى الوقت الذى قرر فيه التوقف عن التمثيل قابل زميله فى المعهد المخرج زكريا يوسف شقيق الفنان حسن يوسف وكان يستعد لمسلسل أطفال بطولة حسن يوسف باللغة العربية الفصحى :" كنت مشهورا بإتقان اللغة العربية لأن أسرتى كانت تهتم بتحفيظى القرآن فى الصغر، و قال لى مش عاوز تحترف وتقف أمام كاميرا فقلت له ايدى على كتفك، وكلمنى فى أغسطس 2001 ، وكان عمرى وقتها 49 سنة ، وسبحان الله كنت خرجت معاش مبكر من أيام ، وبالفعل شاركت بالمسلسل ومع أول مشهد صفق لى الجميع ولم يصدقوا أننى لم اقف أمام كاميرا من قبل وبكيت من شدة التأثر".
وقال الفنان إبراهيم فرح إن لون بشرته الأسمر كان سبب اختياره فى الكثير من الأدوار التى قام بها، وأنه لم يكن مرشحا لدور الشيخ عبدالقادر ولكن كان سيؤدى دور صغير فى المسلسل ووهو دور أحد مريدى الشخص الذى يغار عندما يعطى الشيخ عباءته للخواجة، وكان يقوم بدور الشيخ عبدالقادر ممثل سودانى يعمل فى سوريا ، ولكنه كان لا يفيق من الخمر"، وبعد رفض الفنان يحيى الفخرانى مشاركة الممثل السودانى رشح ابراهيم فرح لأداء الدورليكون أحد أهم أدواره وأهم محطات مشوار حياته الفنى.
واختتم الفنان الكبير حواره قائلا:" التمثيل متنفسى الوحيد ولو توقفت عنه أموت وأحلم بتجسيد شخصية عطيل".