فاتن حمامة في برنامج ”الصدمة”
محمد شوقيكم أسعدت الملايين بفنها الراقي، وأفلامها التي تعد علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية.. إنها أحد أهم أيقونات الزمن الجميل فاتن حمامة، ولكن فاتن حمامة التي نراها على الشاشة لم تكن هي فاتن حمامة التي نسمعها وهي تحكي عن الزعيم جمال عبد الناصر.
تدوالت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لها، وهي تتحدث عن حكم جمال عبد الناصر، وما فيه من ظلم كبير، وعدم أمن وأمان، وأنها خرجت من مصر هربا وخوفاً من تهديدات جهات أمنية لها إن لم تتعاون معهم كما لو كنت أسمع حكاية فيلم بوليسي مكرر.
خاصةً أن هناك الكثيرين ممن هم ضد الزعيم جمال عبد الناصر، قد استغلوا هذه التصريحات بالفعل للنيل من الزعيم، خاصة أن هذه التصريحات تأتي من واحدة نادراً ما يختلف أحد عليها.
وفي سياق هذا المقال، كان يجب عليّ أن أحاول جاهدًا أن أظهر الصورة بشكلها الطبيعي بالرغم من حبي وتقديري للسيدة العظيمة فاتن حمامة رحمها الله، ولكن هذا لا يمنع أن أختلف معها في هذا الأمر الذي لا يخصها وحدها.
الفنانة الكبيرة فاتن حمامة التي تفتخر بكراهيتها للزعيم جمال عبد الناصر ولعهده، وتدعي تركها لمصر بسبب مطاردة أجهزة الأمن المصرية في عهد عبد الناصر لها وملاحقة صلاح نصر وأجهزة المخابرات لتجنيدها، وهذا ما تم نفيه جملة وتفصيلاً.
والحقيقة يا عزيزي القارئ أنها سافرت خلف عمر الشريف، بعد أن تركها للعمل خارج مصر حيث العالمية، وهناك حاولت التمثيل في السينما فشاركت في دور صغير في فيلم من إنتاج فرنسي إيطالي مشترك، وفشل الفيلم فشلا ذريعاً ثم سافرت إلى لندن، واستقرت هناك بعض الشيء.
في مصر شكّل صعود ونجومية شادية في الستينات، خاصةً أنها أصبحت تقدم أفلام وأدوار مختلفة.. ولسعاد حسنى ونادية لطفى أثر بالغ على نجومية فاتن حمامة، تفاعل مع هجرة عمر الشريف للعمل، مما دفعها للسفر خلفه، وإلا لو كانت "فاتن حمامه" صادقة في ادعاءاتها عن الرئيس عبد الناصر وعهده، فلماذا قامت في عهده ببطولة فيلمي "صراع في الوادي" و"الحرام"، اللذين يهاجمان العهد الملكي والإقطاع وينددان بأوضاع الفلاحين قبل ثورة عبد الناصر، وهي واحدة من أهم نجمات السينما العربية اللاتي يستطعن أن يرفضن أو يقبلن الأدوار.
ولماذا قامت ببطولة فيلم" الله معنا"، الذي يؤرخ لقضية الأسلحة الفاسدة وحركة الضباط الأحرار، ويمجد في ثورة 23 يوليو، وقام عماد حمدي فيه بدور ضابط يرمز للرئيس جمال عبد الناصر، خاصة أنها كانت فخورة بأن أول أفلام ثورة يوليو تكون هي بطلته.
ولماذا قامت ببطولة فيلم "لا وقت للحب" الذي يشيد بنضال المصريين والمقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثي، ويشيد بالرئيس عبد الناصر عام ١٩٦٤ وفي نفس العام فيلم "الباب المفتوح" الذي يؤكد على مبادىء ثورة يوليو والحرية.
ولا أحب أن أسمع عبارة "كانت لازم تقوم بالأفلام دي غصب عنها"، لأن هذه العبارة لا تصح ولا تعقل.. فإن مجد فاتن حمامة صنع في عهد الزعيم جمال عبد الناصر حتى أن كل أفلامها التي دخلت ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية كانت في عهد جمال عبد الناصر، ولم تلقب بلقب سيدة الشاشة العربية إلا في عهد جمال عبد الناصر.
ويذكر أنها كانت فخورة بتقديم أفلام ضد عهد الملكية، بل هي من سعيت لبطولة فيلمي "الباب المفتوح" للمخرج بركات، وقامت باختيار كاست العمل معها، وكذا فيلم "لا وقت للحب"، وأعربت عن سعادتها بأنها تشارك في فيلم يجسد الدور الوطني للمقاومة الشعبية.
ولا أحد يستطيع أن يقنعني أن فاتن حمامة أجبرت على العمل في هذه الأفلام التي هي بنفسها تفتخر بها، ونالت عنها جوائز دولية بل وساهمت في صناعة اسمها ومجدها الفني.
ومن المواقف الأخرى، هي مشاركة فاتن حمامة في جمع تبرعات الجمعيات الخيرية لتسليح الجيش المصري، وكانت تقوم ببيع الورود في المحافل التي تنظمها هذه الجمعيات وإيرادها يذهب لتسليح الجيش المصري في الخمسينات والستينات حتى أن الزعيم جمال عبد الناصر كان يأخذ منها الورد ويسلم عليها.
ومن الجدير بالذكر أن الزعيم جمال عبد الناصر قام بتكريم السيدة فاتن حمامة مرتين؛ المرة الأولى هي ووفد الفنانين المشاركين في قطار الرحمة لجمع التبرعات للثورة عام ١٩٥٤.
والمرة الثانية تكريما خاصًا بها على مسيرتها الفنية في عيد الفن عام ١٩٦٤، بل والأهم من ذلك كله هو الخطاب الذي أرسله لها شخصيا وهي في بيروت عندما علم بغيابها عن مصر، وكان الخطاب مرسلاً بخط يده: "عودي إلى وطنك فأنت ثروة قومية".
وللأسف لم تذكر هذا الخطاب في أي تصريحات لها ولا تذكر تكريم جمال عبد الناصر لها.. وكان موقفاً غريباً من فنانة كبيرة لها مكانة مرموقة في قلوب ملايين الوطن العربي.