”إحسان” في القاهرة 30 .. أول بداية حقيقية للسندريلا وأهم أدوارها
عزة عبد الحميد"القاهرة الجديدة" هي تلك الرواية التي استطاع أن يحاك بها الأديب العالمي نجيب محفوظ مصر بتاريخها في ثلاثينات القرن الماضي، بأن خلق من خياله شخصيات استطاعت أن تتجسد حية أمام المشاهدين في فيلم "القاهرة 30".
وفي عام 1966 بدأ عرض فيلم "القاهرة 30" في سينمات مصر ليخلق معه وعيًا وثقافة جديدة لرواد السينما المصرية، ويحفر في التاريخ الفني صورة من الإبداع في الإخراج الواقعي بقيادة رائد الواقعية المصرية صلاح أبو سيف، بالاشتراك مع نجوم سطروا أسماءهم بحروف ذهبية وانتقلوا إلى مكانة فنية وجماهيرية أخرى بعد تجسيدهم لأدوار بهذا الفيلم.
كان من ضمن هؤلاء النجوم الذين اعتبروا هذا الفيلم تغيير لجلدهم الفني وعتبة لدخول مدرسة الواقع وزيادة وعيهم "السندريلا سعاد حسني"، قبل هذا الفيلم قامت بتجسيد عددا من الأدوار الفنية اللايت كأفلام "عائلة زيزي"، و"السفيرة عزيزة" و"الأشقياء الثلاثة" ولكن لم تتطرق السندريلا إلى أدوار جادة في حياتها إلا من خلال فيلمي "الهاربة" و"غصن الزيتون"، حتى وصلت إلى فيلم "القاهرة 30" الذي يعتبر من أول الأدوار المركبة التي قدمتها.
ومع انطلاقة الفيلم تظهر لنا "إحسان" الفتاة الكادحة التي تحاول أن تحسن من مستواها الاجتماعي وتساعد أخوتها على استكمال دراستهم، والتي تقع في حب الشاب اليساري "علي" الذي لا يملك الكثير من الأموال التي يمكن أن تنتشلها من مستواها الاجتماعي السيئ والخروج بها إلى الحياة المرفهة التي تتمناها، لتظهر بالفعل السندريلا وردة في أرض الفقر التي تحتاج إلى مياه كي ترويها.
تبدأ تركيبة الدور وصعوبته النفسية بظهور قاسم بك "أحمد مظهر"، الذي يتولى منصب وزير ليعجب بالفتاة الفقيرة ويبهرها بما لديه من أموال وينتشل أهلها من الفقر لتضطر بأن تقوم بأول تضحية وهو "علي"، كان على الوزير أن يخفي علاقته بتلك الفتاة وأن يكون هناك ستار يتخفى وراءه حتى يستطيع أن يقيم علاقة مع تلك الفتاة، دون أن يمس الأمر سمعته.
وهنا تظهر على الشاشة أدوار أكثر تعقيدا كدور محجوب عبدالدايم "حمدي أحمد"، الذي قبل أن يكون زوج لإحسان، وستار حتى يستطيع الوزير أن يقيم علاقة مع الفتاة التي تعجبه، مقابل وظيفة جيدة يحصل عليها، ليصور صلاح أبو سيف مشهد لا يمكن أن تنساه ذاكرة السينما بوجود "قرون" خلف محجوب في أحد المشاهد.
تكتمل التركبية المعقدة التي تقودها إحسان، بأن تقبل بالزواج من رجل لا تعرفه بل وتشمئز منه لقبوله بلعب هذا الدور، ويظهر كرهها له بنظراتها البغيضة المحملة بالعتاب والرغبة في رفضه لوضعه حتى تستطيع هي أيضا النفاذ مما هي فيه.
وتلعب السندريلا مشهدًا من أقوى المشاهد السينمائية حين يقوم "قاسم بيك" بالاتصال بمنزلها ويرد زوجها على الهاتف ليطلب منه أن يغادر المنزل لأنه سيأتي ليعاشر زوجته، لتقوم بالتعبير بوجهها عن أنهم في مركب واحد وأنه لا يجب عليه سوى الخضوع، لما قررا أن يقبلاه منذ البداية، وبعد انتهاء الوزير من منصبه تكمل هي عملية بيعها المتفق عليها بينها وبين زوجها محجوب عبدالدايم حتى يصل هو إلى ما يريد من مناصب.