عاطف الطيب وأحمد زكي.. الثورجي والمواطن في خدمة الشعب
نوستالجيا عزة عبدالحميديعد الراحل عاطف الطيب من أهم مخرجي جيله، الذين لما يحالفهم الحظ لكي يعيشوا أكثر من ذلك، ليُمتع جمهوره ومريديه بأعمال مهمة ومعبرة عنهم أكثر من ذلك.. عاش "الطيب" 47 عامًا، عاصر فيها انتصارات وانهزامات سياسية، شكلت وعيًا شعبويًا وسياسيًا واجتماعيًا صنعت منه مخرجًا مميزًا وسط أبناء جيله.
وساعده أيضًا تلمذته على يد اثنين من كبار المخرجين وهما شادي عبدالسلام ويوسف شاهين، ليبدأ من خلالها في انطلاقته الإخراجية والتي لم يوقفها سوى رحيله رغم ما تعرض له من مشكلات بسبب أعماله التي ما كانت دائمًا صاحبة وجهة نظر، ومشكلة في آن واحد، ليكون حبة في عُقد مخرجي الوقائع، ومن أهمهم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
تعامل "الطيب" مع عدد محدود من الفنانين الذين عاصرهم ولكنه استطاع أن يجعل أعماله بصمات في حياتهم المهنية وأن يصنع من خلالهم مجده الإخراجي بوجهة نظره التي كلفته الكثير في الدفاع عنها، فكان أحمد زكي ونور الشريف هما أيقوناته السينمائية اللذان استطاع من خلالهما الوصول للجمهور، ليتبعها محمود حميدة ونبيلة عبيدة، ولكن ظل الأساس في لعبته هما النجمان الأوائل.
ونرصد من خلال هذا التقرير كيف استطاع "الطيب"، أن يكون ثورجيًا وشكّل أحمد زكي لكي يكون صوت المواطن.
التخشيبة.. كشف المجتمع
مزج هذا العمل بن عدة أيقونات فنية وهي نبييلة عبيد وأحمد زكي وكاتب كوحيد حامد، لنرى أمام أعيننا دراما اجتماعية كاشفة لانهيار القيم بكاميرا عاطف الطيب، قدم المخرج هذا الفيلم بعد وقت من الحيرة وذلك لنجاحه المدوي في فيلم "سواق الأتوبيس"، والذي كان من المنتظر أن يلحق النجاح بنجاح، ولكن هذا لم يحدث وتم إرجاع ذك إلى عيب في السيناريو بالأساس.
ولكن يعد هذا العمل هو الخطوة التي كان يجب أن يتخذها "الطيب" للتخلص من نجاح "سواق الأتوبيس" والذي قام ببطولته نور الشريف، حتى وإن لم يحقق ذات النجاح ولكنه كان دافعًا لنجاحات كثيرة قادمة مع أحمد زكي.
البريء.. عداء انتهى بشعبية
كان من الصعب أن يتم تجسيد فيلم من "البريء"، دون أن يطاله مقص الرقيب ودون أن يدخل في صراعات من الممكن أن تنسفه من الأساس وتضعه في طي النسيان، فهو تحدث عن مرحلة ما في حياة مصر بشكل صريح، فأصبح معاديًا للدولة كما كُتب عنه حينها، ليذهب الفيلم إلى مقص الرقيب ناسفًا النهاية التي وضعها الطيب وجسدها "زكي" بحرفية بالغة.
فأقر الرقيب حينها لكي يرى الفيلم النور لابد من التنازل عن قتل العسكري"أحمد زكي"، لزملائه ورؤسائه حتى لا نكون أمام حالة تحريض ضد الدولة، وخضع مضطرًا لما كلف به حتى نرى فيلم تم تصنيفه على أنه من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
ضد الحكومة.. كلنا فاسدون لا أستثني منا أحدًا
قالها زكي في محاكمة هي الأشهر سينمائيًا: "كلنا فسدون لا استثني منا أحدًا، حتى ولو بالصمت العاجز قليل الحيلة"، واجه "الطيب" بهذا العمل عدة مشكلات اجتماعية وسياسية، منها الفساد الحكومي وفساد أصحاب النفوذ والسلطة ومفايا التعويضات، وانفتاح ما بعد 73، كان صرخة من "الطيب" بلسان "زكي" حقيقة ضد الحكومة ونظام الرئيس الراحل أنور السادات.
اقرأ أيضًا: لعب مع الكبار وكشف المستور.. وحيد حامد صنع هؤلاء وكسب عداوة هؤلاء!
الهروب.. الفساد بأبوابه
جسد "الطيب" من خلال هذا الفيلم الفساد من أسفل المثلث وصولًا إلى رأسه، وكان ذلك بداية من كون "زكي"، محامي صغير تم استغلاله في قضايا نصب للسفر للخارج، ليجد نفسه في دائرة فساد أكبر من خلال ما يتعرض له من مشكلات.
واجه مخرج الوقائع في هذا العمل، الأجهزة الأمنية للنظام بوجود عناصر فاسدة بداخها تلعب على تصدير مشكلات لإخفاء آخرى، متمثلة في محمد وفيق وحسن حسني، ليلحقها بأبوبكر عزت الذي يحاول الحفاظ على أمن البلاد من رجاله ومن المواطنين.
شاهد بعض لقاءات عاطف الطيب وأحمد زكي: