الزيارة الثالثة للرئيس السيسي منذ 2014.. لماذا الكويت في القلب
كتب وكالات - محمد علي
تأتى زيارة الرئيس السيسى إلى الكويت، وهى الثالثة له منذ توليه الرئاسة فى يونيو 2014؛ حيث كانت الزيارة الأولى فى الخامس من يناير 2015، بينما كانت الزيارة الثانية فى السابع من مايو 2017، استكمالا للزيارات المتبادلة بين البلدين الشقيقين، والتى تستهدف النهوض بالتعاون الثنائى فى كافة مجالات العمل المشترك، من أجل تعزيز علاقات التعاون التاريخية الراسخة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين فى مختلف المجالات الحيوية، إيمانا بوحدة الهدف والمصير والتطلع إلى مستقبل مزدهر.
تكتسب الزيارة أهمية كبيرة نسبة إلى توقيتها، نظرا للتحديات الجسام التى تعصف بالعالمين العربى الإسلامى، وتؤكد أهمية العمل العربى المشترك، للتصدى لتلك التحديات، ومواجهة التهديدات التى تهدد مستقبل المنطقة، والتى تتطلب العمل على تعزيز المصالح المشتركة فى شتى المجالات.
تعتبر العلاقات المصرية – الكويتية المتجذرة عبر تاريخ البلدين، نموذجا يحتذى به فى العلاقات الدولية، حيث تؤكد مصر دائما تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن الكويت واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من أوائل الرؤساء الذين هنأوا الكويت باستقلالها عام 1961، من خلال برقية أرسلها إلى الشيخ الراحل عبدالله السالم أمير الكويت حينها، لتحدد تلك البرقية مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وما تبعها من معارضة مصر لتهديدات الرئيس العراقى الراحل عبدالكريم قاسم، بضم الكويت للعراق، واصدار الرئيس جمال عبدالناصر بيانا تاريخيا قال فيه : "إن الوحدة لا تتم إلا بالإرادة الشعبية فى كل من البلدين، وبناء على طلبهما معا"، مرورا بموقف القيادة المصرية المؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقى عام 1990.
وفى المقابل ، تؤكد الكويت دائما دعمها الكامل لمصر فى مختلف المواقف والأزمات التى تمر بها، وهو ما اتضح جليا، حينما أعلنت الوحدة المصرية – السورية عام 1958، حيث أعلنت الكويت دعمها لتلك الوحدة بالكامل، على الرغم من عدم ارتياح بعض دول المنطقة لتلك الوحدة حينها، وكذلك وقوف الكويت إلى جانب مصر فى مواجهة عدوان يونيو 1967، وفى حرب أكتوبر عام 1973، وأخيرا فى تأييد إرادة الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو 2013.
منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر والكويت، فى أعقاب إعلان استقلال الكويت رسميا عام 1961، بدأت العلاقات بين الجانبين فى التنامى المطرد؛ حيث سرعان ما جرى تبادل السفراء، وجرى التنسيق السياسى بين البلدين الشقيقين على أعلى المستويات.
فى حين بدأت العلاقات المشتركة على المستوى الشعبى مبكرا، وذلك من خلال الدور التاريخى للبعثات التعليمية المصرية فى الكويت خلال أربعينيات القرن الماضى، والتى تحملت الحكومة المصرية رواتبها حينها، ايمانا منها بوحدة مصير البلدين، لتساهم تلك البعثات فى بناء عصر التنوير والنهضة التنموية وتأسيس القاعدة العلمية فى الكويت.
استقبلت مصر عام 1939، أول بعثة طلابية من الكويت، والتى ايمانا منها بأنها فى وطنها الثانى، أسست (بيت الكويت فى القاهرة)، والذى خرجت منه واحدة من أهم المجلات الثقافية فى تاريخ الكويت الحديث، وهى مجلة (البعثة) برئاسة المفكر والأديب المعروف عبدالعزيز حسين، بينما استقبلت أول بعثة طلابية نسائية عام 1956، وكانت مكونة من سبع طالبات.
كما تنوعت العلاقات بين البلدين فى مختلف مجالات الثقافة، حيث تأسس المسرح الكويتى على أيدى الفنان الراحل زكى طليمات، حينما أنشأ فرقة المسرح العربى عام 1961، بالإضافة إلى إصدار المفكر الكبير أحمد زكى مجلة (العربى) فى ديسمبر 1958، ليؤسسها كمنارة للكويت فكرية وثقافية عربية، بينما كان أول مدير لجامعة الكويت عام 1966، هو الدكتور الراحل عبدالفتاح إسماعيل، بل امتد التعاون الى الروابط الرياضية أيضا؛ حيث تولى المدرب المصرى الراحل طه الطوخى، مسؤولية أول منتخب كويتى مشارك فى كأس الخليج الأولى، ونجح فى تحقيق البطولة حينها.
على الصعيد القانونى، ساهم المصريون فى وضع الدستور الكويتى، والذى كان مسودة مشروع دستور فى مصر فى أوائل خمسينيات القرن الماضى، إلا أنه كتب له أن يكون دستورا للكويت، على أيدى كبار الفقهاء الدستوريين المصريين، ومنهم عبدالرزاق السنهورى، وعثمان خليل عثمان، ومصطفى كامل وعبدالفتاح حسن.
خلال تاريخ العلاقات المصرية – الكويتية، وتأكيداً لأطر التعاون المشترك فى مختلف المجالات، وقع البلدان منذ عام 1963 وحتى عام 2018، نحو 114 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم، وهو ما يعكس مدى عمق وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين، فضلا عن الشراكة الطويلة والمثمرة بين مصر والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية منذ نشأته عام 1961، حيث بلغ عدد المشروعات الممولة من قبل الصندوق الكويتى نحو 48 مشروعا فى مختلف القطاعات التنموية والحيوية فى مصر.
تعتبر العلاقات الاقتصادية والتجارية، أحد أهم روافد التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، خاصة فى ظل النمو المضطرد الذى شهدته خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تجاوزت الاستثمارات الكويتية المتراكمة فى القطاعين العام والخاص فى مصر حاجز الـ 15 مليار دولار، إضافة إلى عمل ما يقارب ألف و227 شركة كويتية فى مجال التجارة والاستثمار فى مصر، وهو ما ساهم فى زيادة حركة تنقل الأفراد بين البلدين، بمعدل 64 رحلة جوية أسبوعيا، ونحو 170 ألف زائر كويتى سنويا، فى حين ازداد حجم التبادل التجارى بين البلدين بشكل ملحوظ، ليصل إلى نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكى خلال السنوات الأربع الماضية.
على المستوى الشعبى، يبقى التقارب الكبير بين الشعبين، حجرا مهما فى بناء العلاقات الأخوية الوطيدة بينهما، وهو ما يتضح من خلال الدور المهم الذى تقوم به الجالية المصرية بالكويت فى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود، والذى وصل حجمها حاليا الى نحو 700 ألف مصرى، لا يحظون بتقدير الشعب الكويتى فقط، وإنما مسؤوليه أيضا، والذين يثنون على دور الجالية فى مختلف المناسبات.