الحصار الإسرائيلي على غزة.. سحابة تخنق مزارعي العنب
كتب عبدالعزيز السعدنيالحصار الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة لم يضر الفلسطينيين في تحركاتهم فقط بل يرمي بظلاله على الاقتصاد أيضًا.. فرضت إسرئيل الحصار على قطاع غزة منذ عام 2007
يلقي هذا الوضع بظلاله القاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، حيث أكد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير بمناسبة يوم العمال العالمي مطلع مايو الماضي، أن معدل البطالة في القطاع وصل حوالي 52%.
مع انطلاق موسم حصاد العنب قبل أيام في قطاع غزة، صُدم المزارع الفلسطيني يوسف أبو سلمي، بخسارة الأرباح بعد عدة شهور اعتنى فيها بأشجاره المزروعة بشكل مستمر.
يقول أبو سلمي، 32 عامًا، وهو أب لأربعة أطفال إنه اضطر لبيع بعض ممتلكاته ليتمكن من استئجار أرض زراعية من أجل أن يزرعها على أن تعوضه الأرباح عن ذلك لاحقًا، ويوضح أن محصول العام الحالي من زراعة العنب كلفه ما يقارب من 25 ألف دولار، لكن تطلعاته لجني الأرباح من ذلك ذهبت أدراج الرياح، بل إنه تكبد خسائر باهظة.
يؤكد المزارع الفلسطيني، لوكالة أنباء "شينخوا" أنه وأقرانه تعثر موسمهم الحالي لعدة عوامل دفعت بتراجع شديد في موسم العنب في قطاع غزة لهذا العام، على رأسها السياسية المتعلقة بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007، بما يتضمنه من قيود شديدة على عمل المعابر وحركة التصدير للبضائع والمنتجات.
يشير أبو سلمي بحسرة شديدة إلى واقع الركود الاقتصادي، الذي يعانيه قطاع غزة بشكل متصاعد بفعل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وما يسببه ذلك من ضعف في الحركة التجارية.
يضيف "لم نستطع أن نجني سوى عشرة آلاف دولار من المحصول بعد حصاده والشروع في تسويقه، وهذا المبلغ يغطي نحو ثلث التكلفة الإجمالية تقريبًا، ما يجعل الموسم الحالي الأسوأ بالنسبة لي وللمزارعين الآخرين".
يُزرع في قطاع غزة عدة أصناف من العنب تنقسم إلى نوعين رئيسيين، هي المحاصيل البذرية وغير البذرية، وعادة ما ينطلق موسم حصاد العنب في نهاية شهر يونيو من كل عام في قطاع غزة، وهو تزامن هذا العام مع استيراد كميات كبيرة من العنب من كل من مصر والضفة الغربية إلى القطاع.
شكل ذلك مصاعب إضافية بالغة للمزارعين المحليين، الذين اشتكوا من تدهور كبير في أسعار بيع العنب بسبب كميات الاستيراد الكبيرة من نفس المحصول، وتبلغ تكلفة كيلو العنب على المزارعين قبل قطف المحصول حوالي "3 شيكل إسرائيلي" ما يعادل 0.80 دولار أمريكي، في حين أنه يتم بيعه بمبلغ "2.3 شيكل" للكيلو الواحد في الأسواق، وهو ما يشكل خسارة كبيرة بالنسبة للمزارعين، بحسب شكواهم.
تبلغ مساحة الأراضي الزراعية القابلة لزراعة العنب في قطاع غزة حوالي 6 كيلومتر مربع، حيث من المفترض أن تنتج ما يقارب 7500 طن من العنب، بحسب وزارة الزراعة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع.
وقال وكيل وزارة الزراعة إبراهيم القدرة، لـ"شينخوا": "إن ناتج محصول العنب هذا العام أقل من المتوقع مقارنة بمعدل الانتاج في العام الماضي"، معللا ذلك بتغير الظروف الجوية حيث جاء الحر متأخرا، وهو ما ساهم في فساد جزء كبير من الحصاد.
وأوضح القدرة أن الأسعار التي يباع فيها محصول العنب غير مرضية للمزارعين، وذلك نتيجة الوضع الاقتصادي الضعيف الذي تسبب فيه الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وأزمات الرواتب للموظفين العموميين، فضلا عن التدهور الاقتصادي الحاصل.
نفى القدرة أن يكون استيراد العنب أو أي محصول زراعي آخر من خارج قطاع غزة يتم على حساب المنتج المحلي، مؤكدا أن أي قرار بالاستيراد لا يتم إلا بعد حدوث فجوة في المتوفر للاستهلاك المحلي.
في النهاية فإن تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادر في مايو 2019 أوضح أن حوالي 83% من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع، ويبلغ معدل الدخل اليومي للفرد 2 دولار، وهو ما يعد الأسوأ عالميًا.