عبد العزيز محمود.. نموذج الفنان الشامل
كتب محمد شوقيفي يوم 26 أغسطس من عام 1991 استيقظ المصريون ومحبو الطرب الشعبي على وفاة المطرب عبد العزيز محمود، أحد الأسماء الفنية التي تركت أثرًا بالغًا في وجدان عشاق الطرب الأصيل، من خلال أغنياته ذات الطابع الشرقي الذي ميزه عن غيره.
ولد عبد العزيز محمود، في قرية الحرزية بسوهاج في 11 يناير 1914 ، واسمه بالكامل عبد العزيز محمود الخناجري، وانتقل بعدها ليعيش في بورسعيد، ثم انتقل بسبب الفن إلى القاهرة، اشتغل فى شركة «شل» إلى أن تعرض لإصابة بكسر فى رجله فاستغنت عنه الشركة فاحترف البمبوطية.
وفي عام 1937 توظف في الراديو بعد أن سمعه مدحت عاصم، رئيس قسم الموسيقى والغناء فى الراديو فاعتمده فى الراديو وقدم له أول لحن وكان عبد العزيز محمود متعدد المواهب فقد قام بالغناء لكل أشكال الغناء الشعبي والعاطفي والوطني.
وكان أيضا ممثل نجم حيث قام بتمثيل 32 فيلم سينمائي وكانت معظمها أفلام غنائية وكل أغانيه كانت من ألحانه ومن أشهرها: منديل الحلو، وتاكسى الغرام، وشباك حبيبي، ويا مزوق يا ورد فى عوده وكعبه محني، ومكاحل مكاحل، ويا نجف بن ومرحب شهر الصوم.
وحكى هشام نجل الفنان الراحل عبد العزيز محمود عن واقعة طريفة لوالده، في برناج «الراجل ده أبويا» لمقدمه أحمد شوبير على فضائية «صدى البلد»، عندما كان والده في بداياته قبل الانتقال للقاهرة واحتراف الغناء، أنه كان يستضيف أصدقاه وأبناء قريته على الغداء في منزله، ثم يسبقيهم ليسمعهم صوته، إيمانًا منه بموهبته التي لا بد لها أن تخرج للنور.
اشتهر عبد العزيز محمود في الوسط الفني بكثرة زيجاته، جاءت البداية بالزوجة الأولى نفوسة، وهي الوحيدة من بين زوجاته الخمس التي قضى معها شهر العسل، الذي وصفه في أحد حواراته لمجلة الكواكب عام 1953 بأنه “أوهام”.وبعد بزوغ نجم عبد العزيز، بدأت تتهافت عليه المعجبات، وأثر ذلك على علاقته بزوجته الأولى التي طلقها فيما بعد، ومن بعدها كثر الطلاق في حياته، عندما تزوج السيدة برلنتي نجيب لكن تلك الزيجة لم تدُم طويلًا، ليتزوج بعدها اعتدال شاهين، ويلطقها هي الآخرى.
بالرغم من حصاره من دعاوى النفقة التي رفعتها طليقاته الثلاث، إلا أنه لم يكف عن الزواج بأخريات، فتزوج عرفيا من الممثلة فوزية إبراهيم، ثم سافر إلى لبنان فوجد أنه لا بد له من زوجة تؤنس وحشته، فوقع في غرام راقصة لبنانية وتزوجها سرًا، حتى عاد إلى القاهرة وبعث إليها بورقة الطلاق، في الوقت نفسه كانت فوزية تسعى لامتلاكه وتسعى لتصحيح وضعها، مما جعله يشعر بالضيق فشرع في تطليقها هي الأخرى. بعد خمس مرات من الزواج والطلاق في مسيرة عبد العزيز محمود، يقول في حديثه لـ «الكواكب»، أن كان يتلقى بعد كل زيجة جديد استدعاء من الشرطة ويقيم في «التخشيبة» يومًا أو اثنين بسبب دعاوى النفقة التي تقدمها ضده طليقاته.
وفي تقرير نشرته الكواكب في ذكرى عبد الحليم حافظ، سردت قصة طريفة حدثت بينه وبين عبد العزيز محمود، عندما شعر الأخير بالغيرة من العندليب عندما بزغ نجمه في البدايات، فذهب لإحدى حفلاته وبدأ في النداء عليه: «يا عبد الحليم.. يا عبد الحليم»، وقتها التفت الجمهور نحو الصوت فوجدوا أنه عبد العزيز فهرعوا نحوه فجرى أمامهم وهم وراءه حتى خرجوا من قاعة المسرح، ووقف العندليب يغني لمقاعد خاوية.
عبد العزيز محمود لم يكن يحب عبدالوهاب بل اتهمه صراحة بالسرقة عندما حاوره مذيع سورى فى إحدى رحلاته إلى دمشق سائلًا عن تلك الضجة التى أحدثتها روزاليوسف حول سرقات عبدالوهاب من «رءوف ذهنى» فعلق: «عبدالوهاب يسرق أى حاجة من أى حد».. فسأله المذيع وهل سرق منك؟، فرد قائلاً: «يجوز» ولكنه كان يفضل عليه الفنان فريد الأطرش.
ومما يرويه شهود عصره أنه نال علقة ساخنة من الكوميديانة الشهيرة زينات صدقى، بسبب هذه الصراحة، حيث ذهب هو مبكرًا إلى موقع تصوير فيلم يجمعهما، فيما تأخرت هى لأكثر من ساعتين وعندما وصلت للاستديو فوجئت به يوبخها بكلمات قاسية ولاذعة جدًا فصمتت تمامًا حتى انتهى ثم قالت: «طب ما تاخدنى قلمين كمان» فأجابها «مش بضرب ستات»، فما كان منها إلا أن أنهالت هى عليه ضربًا بشكل مفاجئ ثم خرجت عائدة لمنزلها وتركت التصوير فذهب لها المنتج ليسترتضيها، فاشترطت الحصول على ٢٠٠ جنيه تعويضًا،فوافق وأعطاها المبلغ فإذا بها تحصل على خمسين جنيهًا منها فقط، وتعيد الباقى للمنتج طالبة منه أن يرسلها إلى عبدالعزيز محمود تعويضًا عن العلقة التى أكلها.
خفة دم عبدالعزيز محمود التى اعتدناها فى الأفلام، وابتسامته الدائمة، لم تكن دائمة فى حياته الطبيعية، ورحلته فى أيامه الأولى من سوهاج إلى بورسعيد إلى القاهرة، وتنقله ما بين خمس زيجات فشلت باستثناء زوجته الأخيرة التى رافقته أيام مرضه.. كل هذا جعله رجلًا يخاف من السياسة وعوالمها.
وهو مثله مثل معظم أبناء جيله شارك فى الغناء لثورة يوليو وأطروحاتها. ولأنه بالأساس عامل.. فقد كان من البديهى أن يخاطب تلك الفئة فى واحدة من أشهر أغنيات فترة عبدالناصر وهي أغنية “مليون سلام يا مبدلين الخوف أمل”
وفي السينما كان عبد العزيز بطل الفقراء فهو الأسطى “عزوز” في فيلم “منديل الحلو” وسائق التاكسي في “تاكسي الغرام”، الذي يفوز بقلب الجميلات في النهاية تحية كاريوكا، وهدى سلطان وغيرهن، وقدم خلال هذه الأفلام الكثير من الاستعراضات والأغاني التي حققت نجاحا وشهرة كبيرة وعرفت طريقها إلى قلب الجمهور بسهولة وسرعة وكان مبدع في الحان الفرانكو أراب الرشيقة والرائدة.
كريمة الفنان الكبير عبد العزيز محمود هي المنتجة نهاد رمزى زوجة المنتج محمد حسن رمزى. شاركت فى إنتاج العديد من الأعمال السينمائية الشهيرة منها فيلم “منتهى اللذة” للفنان اللبنانى يورى مرقدى وحنان ترك ومنة شلبى وهي رحلت ايضا عن عالمنا هي وزوجها.