موقع السلطة
السبت، 23 نوفمبر 2024 05:29 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
نوستالجيا

ميمي شكيب.. تمردت على الحياة فواجهت نهاية مأسوية

ميمي شكيب
ميمي شكيب

ولدت أمينة شكيب، في 25 ديسمبر عام 1913، لعائلة كبيرة وثرية، تعود لأصول شركسية، فكان والدها مأمورًا لقسم بوليس حلوان، وجدها ضابطًا بالجيش في عهد الخديوي إسماعيل، أما والدتها فكانت سيدة آرستقراطية تتقن العديد من اللغات منها التركية، الإيطالية، اليونانية والألمانية، وكانت لها شقيقة واحدة تكبرها بأربع سنوات هي زينب أو الفنانة زوزو شكيب.

عاشت أمينة في القصور والسرايات، وتلقت تعليمها بمدرسة العائلة المقدسة، وعلى الرغم من أنها لم تكن متفوقة في دراستها، إلا أنها استطاعت إتقان اللغتين الفرنسية والإسبانية، وكانت منذ طفولتها تتميز بالشقاوة والخفة والدلع.

وعلى الرغم من الحياة المرفهة التي عاشتها أمينة، إلا أنها لم تشعر بالسعادة بسبب معاملة والدها المتشددة، فكان يمنعها وأختها من الخروج للمنزل، إلا من أجل الذهاب للمدرسة فقط.

استمرت حياة أمينة شكيب هادئة ومستقرة، حتى انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد وفاة والدها بشكل مفاجىء، ولم تكن قد أكملت الثانية عشر من عمرها، ودخلت والدتها في صراع عنيف مع أسرة الزوج على الميراث، حيث طلبوا منها تسليم الشقيقتين أمينة وزينب، لكي يتولوا مسئوليتهم، وهو ما رفضته الأم بشكل قاطع، فتم حرمانهم من الميراث، واضطرت الأم للنزول للعمل، حتى تتمكن من الإنفاق على ابنتيها.

في تلك الأثناء، تقدم أحد الأثرياء، وكان ابن شقيقة إسماعيل باشا صدقي، رئيس الوزراء، للزواج من أمينة، وعلى الرغم من أنه يكبرها بنحو عشرين عامًا، إلا أنها وافقت على الزواج منه، وكانت سعيدة بتلك الزيجة، طنًا منها أنها ستعيش حياتها بحرية وانطلاق، وتتمكن بسهولة من الذهاب للسينما، وهو الأمر الذي كان يرفضه والدها بشكل قاطع، إلا أنها فوجئت بأن زوجها أكثر تزمتًا من والدها، حيث منعها من الخروج بشكل نهائي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فبعد ثلاثة أشهر من الزواج، تزوج من امرأة أخرى، وتركها في المنزل وحيدة، وحاملًا في طفلها الأول والذى اجهض فيما بعد  فلم تتحمل هذه الصدمة، وأصيبت بحالة من الشلل المؤقت، ونُقلت لمنزل والدتها لتلقي العلاج، وبعد شفائها طلبت الطلاق من زوجها  وعلى الرغم من رفضه في البداية، إلا أنه مع إصرارها على الانفصال، لم يجد حلًا سوى تنفيذ طلبها .

بعد الانفصال، قررت أمينة أن تتمرد على نمط حياتها السابقة، وتعيش بحرية دون قيود، وفكرت في العمل بالفن، خاصة أنها تعشقه منذ طفولتها، فتجولت بين الاستديوهات والمراكز الثقافية، حتى وجدت فرصتها الأولى من خلال جماعة أنصار التمثيل والسينما، فانضمت لها وتدربت فيها لفترة، ثم أسست فرقة تمثيلية خاصة بها، وعمل معها عدة فنانين مثل زكي رستم وأحمد علام، وقدمت أول رواية لها من خلال الفرقة وهى "فيوليت"، وعلى الرغم من عدم نجاح الرواية، إلا أنها لم تفقد الأمل، فذهبت مع شقيقتها إلى نجيب الريحاني، فضمهما لفرقته.

كان الريحاني صاحب الفضل الأكبر على ميمي شكيب، ففي حوار قديم لها قالت أنه علمها كيف تنطق الكلمات، كيف تحفظ أدوارها، كيف تستطيع مواجهة الجمهور على خشبة المسرح، وفي خلال فترة قصيرة أصبحت ميمي شكيب بطلة الفرقة، وقدمت عدة مسرحيات منها حكم قراقوش وقسمتي، أما أهم مسرحياتها التي قدمتها مع الفرقة فكانت الدلوعة، وحققت من خلالها نجاحًا كبيرًا، لذا، أُطلق عليها دلوعة المسرح.

عاشت ميمى حياتها بالطول والعرض كما يقال، فكانت تعشق السهر، تهوى الرقص، لا تشعر بالسعادة إلا وهى محاطة بالمعجبين والمريدين والأثرياء، لذا، دخلت في أكثر من علاقة عاطفية منهم أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي، الذي أعجب بها عندما شاهدها في مسرح الريحاني، وتعددت اللقاءات بينهما، ولكن لم تستمر تلك العلاقة كثيرًا، إذ علمت الملكة نازلي بالأمر، فطلبت من الريحاني طرد ميمي شكيب من الفرقة، وعدم استقبال أحمد حسنين، وعندما رفض تنفيذ طلبها، أرسلت له تهديدًا بالقتل، فلم تجد ميمي شكيب حلًا سوى أن تقطع علاقتها بأحمد حسنين، لأنها لا تستطيع منافسة الملكة على حبه، بعدها ارتبطت عاطفيًا بالاقتصادي الكبير أحمد عبود باشا الذي أغرقها بالهدايا، وتعددت مغامراتها العاطفية، حتى أنها أصبحت حديث الصحف في تلك الفترة، فقررت أن تتزوج مرة أخرى، وكان رجل الأعمال "جمال عزت" الزوج الثاني في حياتها، إلا أن تلك الزيجة لم تستمر كثيرًا، فسرعان ما وقع الانفصال بسبب غيرته الشديدة عليها.

لم تكتفى ميمي شكيب بالنجاح الذي حققته على المسرح، وأرادت أن تحقق نجاحًا مماثلًا من خلال السينما، وكان أول أفلامها ابن الشعب عام 1934، مع سراج منير الذى تزوجها عام 1942، وعاشا معا 15 سنة واشتركا سويًا في العديد من الأفلام  منها بيومي أفندي و نشالة هانم، و دهب و ابن ذوات وكلمة حق.

وفي عام 1957  توفى سراج منير، إثر إصابته بأزمة قلبية، فقررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده، وركزت بشكل كبير على عملها.

على الرغم من تقدمها في السن، لم تستطع ميمي شكيب الابتعاد عن الحياة الصاخبة التي اعتادت عليها في شبابها، فكانت تقيم حفلات يومية في منزلها، يحضرها عدد من كبار المسئولين في الدولة، وأثرياء مصريين وعرب، بالإضافة لعدد من الفنانات الشابات الجميلات، ويبدو أن تلك الحفلات كانت وبالا عليها، ففي أحد أيام شهر فبراير عام 1974، تم القبض عليها، ومعها مجموعة من الفنانات الشابات اللاتي كن يحضرن حفلاتها باستمرار، بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، وهى القضية التي عرفت باسم «الرقيق الأبيض» أو «قضية الآداب الكبرى»، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق، وبعد حوالي 170 يوم من المحاكمة، حصلت ميمي شكيب وباقي المتهمات على البراءة، لعدم ضبطهن في حالة تلبس، حيث تم إلقاء القبض عليها وهي في حالة عادية.

ظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وقيل أنها أصيبت بحالة من الصمم والبكم في السجن، وكانت تبكي طوال الوقت، مؤكدة أنها مظلومة، وأن القضية ملفقة.

على الرغم من حصول ميمي شكيب على البراءة، إلا أنها لم تكن كافية لتبرئتها أمام المصريين، حيث ظلت تعاني من تلك التهمة، فدخلت مصحة نفسية بضعة أشهر، وبعد خروجها، لم تستطع مواصلة حياتها بشكل عادي، حيث ابتعد عنها المخرجون والفنانون، ولم تقدم في تلك الفترة سوى أعمالا قليلة، وأدوارا لا تليق بمكانتها الفنية، وكان آخر أفلامها السلخانة عام 1982، ونتيجة لظروفها السيئة اضطرت لأن تقدم على معاش استثنائي من صندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة.

 جاءت نهاية ميمي شكيب في 20 مايو عام 1983 حيث تم إلقائها من شرفة شقتها بوسط البلد ، ولم يتم التوصل لمرتكب الجريمة، حيث قيل أنه تم التخلص منها من قبل بعض رجال السياسة لاسباب تتعلق بقضيتها  وقيدت القضية ضد مجهول.

البنك الأهلي
ميمي شكيب الخديوي اسماعيل مدرسة العائلة المقدسة بوليس حلوان ضابط جيش سيدة آرستقراطية
tech tech tech tech
CIB
CIB