زوزو ماضي.. نجمة صنعتها إعلانات الجرائد
كتب محمد شوقيفتنة داود سليمان أبو ماضي، استقبل والدها تاجر الأقطان الثرى ببنى سويف مولدها بفرحة كبيرة فى 14 ديسمبر عام 1914 بعد موت خمسة أبناء له قبل ولادتها، التحقت فتنة داود بمدرسة الفرنسيسكان وجلب لها والدها مربية سويسرية علمتها الكثير من اللغات فضلا عن الموسيقى والأدب، إلا أنها في عمر 14 عاما عندما أجبرت على الزواج بابن عمها «نيقولا» الذى يكبرها بسنوات عديدة بسبب نذر قديم، حيث كان والدها قد نذر عند ولادتها أن تتزوج من ابن عمها إذا قدّر لها الحياة ولم ترحل مبكرًا كأشقائها، ورغم رفضها للزواج ومحاولتها للانتحار، إلا أن والدها أصر على تلك الزيجة، وأنجبت طفلين أنطوان عام 1929، وابنتها إيفون عام 1931.
بدأت حياتها الفنية بعدما قرأت إعلانًا في الجرائد يطلب فيه المخرج محمد كريم وجوهًا جديدة ﻹحدى مشاريعه السينمائية، فقامت بإرسال صورتها إليه ورغم المعارضة الشديدة للأسرة والزوج، إلا أنها هربت إلى القاهرة بعد مواجهة مع أبيها لتدخل عالم السينما من خلال فرقة يوسف وهبي، واستأجرت غرفة مفروشة في وسط المدينة القاهرة بجانب عملها الفني ولم تكن تمتلك أنذاك سوى 270 قرشًا ثم انضمت لفرقة خليل مطران المسرحية، ثم الفرقة القومية، حتى التحقت بفرقة «رمسيس» التي قدمت من خلالها العديد من الأعمال على خشبة المسرح.
بعد موافقة المخرج محمد كريم عليها، مثلت ماضي أول دور سينمائي لها في عام 1938 من خلال فيلم «يحيا الحب» أمام محمد عبدالوهاب ليلى مراد، وبعد عرض الفيلم في دور العرض السينمائية، قام والدها بتلقّي العزاء في ابنته جزاءً لها ومرضت أمها مرض شديدا توفيت على أثره.
كانت زوزو هانم من أشهر الفنانات اللواتى حرصن على تغيير السيارات وشراء أخرى، فقد نشرت إحدى المجلات الفنية صورة لسيارة زوزو ماضى الجديدة عام 1949 وقدمت لها تهنئة.السيارة ماركة «البريستول» استلمتها ماضى من الجمارك ببورسعيد، وهذه السيارة هى الوحيدة من نوعها فى مصر وقدر ثمنها بنحو 1850 جنيها، وبطبيعة الحال كان المبلغ باهظا وقتها.
كما كانت تملك كلب أطلقت عليه اسم «كيمبل» نسبة إلى الحلقات التلفزيونية التى كانت تذاع فى فترة الستينيات من القرن الماضى.
زوز فى لقاء تلفزيونى نادرصرحت أن كلبها كيمبل يمتاز بالحيوية، قائلة: «كلبها يتصرف مثل الأطفال تماما ولكنه يتمتع بالذكاء الشديد، مشيرة إلى أنه يذهب للدكتور كل ثلاث أشهر ويأخذ بعض الحبوب والفيتامينات للحفاظ على صحته».
قدمت زوزو ماضي، أغنية واحدة من كلمات فتحى قورة والحان محمد سلطان، وفي حوار لها مع مجلة روزاليوسف عام 1980، قالت زوزو ماضي إنها ملهمة الشاعر إبراهيم ناجي الوحيدة، وإنها ألهمته في كتابة قصائد عديدة مثل قصيدة الأطلال وعاصفة الريح، واستشهدت وقتها بحديث ابنة الشاعر إبراهيم ناجي التي أكدت في أكثر من مناسبة أن زوزو ماضي هي ملهمة والدها الوحيدة.
المفارقة أن الشاعر إبراهيم ناجي، كتب مقالا ذات مرة بعنوان «3 زوزات عرفتهن»، وقال فيه:
«زوزو ماضي عرفتها وهي أديبة صافية لم تشبها السينما بشائبة، ولم ترفق حياتها أكدار الشاشة، عرفتها وهي تستوحي البحر وتنظم فيه شعراً، وعرفت زوزو نبيل وهي في مستهل جمالها وعنفوان رونقها، عرفتها قبل أن تقبض عليها الإذاعة فتمرمط هذا الرونق في تمثيلياتها، وتقضي على إشراقها الفخم في كواليس شارع علوي، أما زوزو الحكيم هي الأخرى أديبة صافية، عرفتها قبل أن تنزلق إلى الشاشة، عرفتها وهي تكتب مذكراتها عن أدباء مصر جميعا، وقرأت لها أجمل فصل قرأته في حياتي عن زكي مبارك، عرفتها وهي تجاهد في تعلم الفرنسية، وتناضل لتعلّم الإنجليزية، وتقاتل لتكون أول فتاة مثقفة في مصر، فلما جرفتها السينما انتهت إلى عفريت إمراتي فسكن العفريت بيتها، ومن يدري هل دب إلى قلبها؟ مسكينة زوزو، إنها تحمل دماغا رهيبا وقلبا طيبا» .
تزوّجت زوزو هانم، مرة ثانية من رجل اسمه كمال عبدالعزيز خلال 10 أيام فقط من تعارفهما، وذكرت مجلة «الجيل» عام 1955 قصة تعارف الزوجين، حيث ذكرت أن زوزو ماضي تعرّفت على زوجها الجديد بعد زواج ابنتها إيفون بشهر واحد فقط، عندما كانت مدعوة لحفل عيد ميلاد صديقة لها في مصر الجديدة، لم تزرها في بيتها أبدًا، وعندما وجّهت إليها الدعوة في هذه المرة خجلت ماضي وقالت لنفسها:
«لابد لي من مجاملتها بهذه المناسبة، سأذهب لمدة عشر دقائق».. وفي تلك الليلة تصادف وجود كمال بك هناك، ولم يكن يعرف أحدهما الآخر.
اتصل كمال في صباح اليوم التالي بـ«زوز» ليدعوها لتناول العشاء معه فقبلت وفي اليوم الذي يليه قال لها عايز أتجوزك ردت ماضي حسب ما ذكرته مجلة الجيل:
«اسمع يا كمال أنا لا أعرف عنك شيئًا، سوى أنك دخلت قلبي وشعرت من أول مرة تكلمت فيها معايا بأنك وضعت يدك على جرحي ومنعت نزيفه، وعشان كده مش هسأل عنك لأني لو سألت حلاقي ناس كثير يمتدحوك وناس يذموك وعشان كده، أنا هقصر الطريق وأخدك زي ما أنت».
في مساء يوم الأحد التالى ثم عقد القران، وعريس زوزو ماضي، جاوز الثلاثين بقليل يشغل وظيفة في شركة النيل للإعلان وسبق له أن عين ضابطًا في مصلحة خفر السواحل واستقال منها في عام 1951 ليتفرغ للاشتغال بالأعمال الحرة، واسمه كمال عبدالعزيز وهو نجل المرحوم الدكتور عبدالعزيز محمد وكيل وزارة الصحة السابق.
بعد 9 أشهر فقط من الزواج داهمت الشرطة منزلهما بتهمة اتّجار الزوج في المخدرات وتحديدًا الحشيش فظلت «ماضي» بالسجن لمدة 9 أشهر حتى تم إعلان براءتها، فيما حكم على الزوج بالمؤبد لمدة 25 عامًا
عن تفصيل الحكاية التي نشرتها جريدة الأخبار علي متن صفحاتها في عددها الصادر في 12 مارس 1957 والتي كانت بطلتها «زوز ماضي» والتىدارت حول إتهامها بالاتجار فى المخدرات.
تبدأ الحكاية عندما التقت «زوز» في إحدي السهرات الفنية برجل أعمال كمال عبدالعزيز وبعد عشرة أيام فقط دخلت «زوزو» عش الزوجيه للمرة الثانية، وبعد تسعة أشهر فقط داهمت الشرطة منزلهما وألقي القبض عليها وعلي زوجها بتهمة اتجار الزوج في المخدرات الحشيش.
قضت زوزو 249 يوماً في السجن الاحتياطي علي ذمة قضية الاتجار في المخدرات التي كان مجموع أحكامها وصول إلي 181 عاماً من السجن و22 ألف جنيه غرامة.
في 11 مارس 1957 برأتها المحكمة وأفرج عنها فيما قضت بالأشغال الشاقة المؤبدة علي زوجها كمال عبدالعزيز، وعندما سمعت الحكم بكت وهى تردد: لا أدرى أكان البكاء فرحاً لبراءتها أم حزنا على زوجها.
فور خروجها من المحكمة نقلت إلى سجن القناطر، ولحقت بها ابنتها إيفون هناك وعادا معاً إلى مبنى المحافظة لإكمال بعض الإجراءات ثم توجهت إلى منزل «إيفون» حيث انطلقت الزغاريد وهنأها كثيرون من أهل الفن والجيران.
حصلت زوزو على الطلاق وهو داخل السجن. بعدما خرجت من السجن، سافرت ابنتها إيفون بإيطاليا وعاشت حياتها دون ضوابط، فحاولت زوزو التواصل معاها ولكن رفضت حتى عندما قررت العودة إلى مصر رفضت إيفون 1931 - 22 ابريل 2007 التواصل مع والدتها فأصيبت زوزو ماضي بالاكتئاب فحاولت الانتحار بالحبوب المنومة وأنقذها خادمها الذي وصل مبكرًا إلى المنزل في ذلك اليوم، بالإضافة لصديقها المصور محمد عز العرب وكان ذلك في 15 مارس عام 1957 وبعد نجاتها من محاولة الانتحار، أدمنت الكحول.
في يوم 21 يناير عام 1982 توفيت زوزو ماضي عن عمر ناهز 68 عاما بعد معاناتها من مرض قرحة بالمعدة لتستدل الستار على حياة مليئة بالمتاعب.