موقع السلطة
الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 03:40 مـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
مقالات رأي

نصيحة إلى مصطفى مدبولي..

موقع السلطة

بضع ساعات أو أكثر أو يوم بالتمام والكمال، ونرى وزراء الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، يحلفون اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويعطيهم مجلس النواب الثقة، لمواجهة فترة صعبة وعصيبة تمر بها مصر نحو مستقبل أفضل، نحو إصلاح اقتصادي يتحمله الشعب على أكتافه من أجل الأجيال القادمة، نحو خلق جيل جديد يستطيع قيادة مصر وتسلم الدفة عاجلا أو آجلا.. نحو مصر أفضل في أي حال وتحت أي ظرف.

وقبل أن يتسلل شروق الأمل إلى عقلي، أحسستُ بظلمة عاتية تطرده فجأة، وتساءلت هل يعلم الدكتور مصطفى مدبولي ووزراؤه الجدد، حجم الإعلام ودوره بعد 25 يناير وحتى الآن؟.. هل يعي مدى تأثيرمواقع التواصل الاجتماعي بين لحظة وضحاها؟.. هل استعد جيدًا للمعارضين قبل المؤيدين، النقد قبل الإثناء، الهجوم قبل الدفاع؟.. أتمنى أن يكون مستعدًا لأنه يستحق خوض هذه المهمة، ولا سبيل غير النجاح فيها لتاريخه ومستقبل مصر.

وكما تعودت يا عزيزي القارئ أن أُشركك أطروحاتي؛ فليس غرض السؤال هنا أن تخشى الحكومة الجديدة أو تخاف من الإعلام، ولكن عليها أن تعي جيدًا حجم تأثيره.. فمع نمو ثورة الاتصالات بشكل رهيب، واتساع مخيف وكارثي لوسائل التواصل الاجتماعي وتوغلها في المجتمع المصري ومطاردة عاداته وتقاليده ومحاولات الهدم المستمرة، يزداد التداخل الشديد في نفس اللحظة بين الإعلام والسياسة بشكل يثير قلق المسؤولين ورعشة ألسنتهم تارة، وتربص المعارض والجاهلين تارة أشد بطشًا.. ولذلك على جميع المسؤولين أن يعوا جيدًا أن الإعلام هو المنبر الوحيد لمحاولة وقف بطش السوشيال ميديا التي تدار بأهواء عددها أكثر من ديانات الهند.

السوشيال ميديا أصبحت سيفًا يرفض عادات وتقاليد المجتمع المصري، يحاول جاهدًا هدم دور الأسرة الذي بدأ في الانقراض، هناك في هذا العالم الافتراضي لا حكم لكبير على صغير، أو حتى احترام له، لا يوجد أي شيء سوى انحدار الأخلاق وتدهورها وانعدامها أحيانًا.. فهل تظن يا عزيزي أن هؤلاء يفهمون قيمة الوطن وماهية الوطنية؟.. أشك في هذا!

الحكومة الجديدة يجب أن تعي جيدًا دور الإعلام، وتستغله جيدًا في محاولة النزول من أعلى الهرم إلى أسفله حيث طبقات الشعب المصري المختلفة، بداية من المعدومين وحتى قاطني الكومباوندات.. ولكن هل الإعلام سيكون سلاحًا آمنًا للحكومة الجديدة؟.. أشك أيضًا في هذا!..

فالإعلام يا عزيزي القارئ لم ولن يكون طرفًا في معادلة الشعب والحكومة، بل مجرد وسيط.. أكررها وسيط ينقل الحدث والقول والفعل وليس طرفًا.. ولكن هل- الإعلام- يستطيع ألا ينحرف عن مهمته التي عُهدت إليه؟.. أتمنى وأدعو الله!.. وإن نجح في تأدية دوره سيكون أكثر وضوحًا، أكثر تأثيرًا، أكثر مصداقية.

لذا فكرت سريعًا في تقديم نصيحة إلى الدكتور مصطفى مدبولي وحكومته، التي في علم الغيب حتى كتابة هذه السطور؛ أ ب صحافة هي مكر شرعي مهني وتحايل ومحايلة مشروعة للمحرر للخروج من المسؤول بعنوان «بياع ويتفرد 8 عمود»، يحصل على تصريحات المسؤول مبتسمًا، مثل خفة طائر الزقزاق الذي ينظف أسنان التمساح من بقايا الطعام، ولا يدري المسؤول إلا وهو يبرر أن أحد التصريحات هذه كانت زلة لسان.. السوشيال يا عزيزي المسؤول مثل الإنسان لا تغفر لأحد.

هل حكومتك الجديدة يا دكتور جاهزة لعسل الإعلام ولسعاته.. هل استعدت جيدًا للتعامل معه بصورة مباشرة، أو غير مباشرة من خلال مكاتب الوزارات الإعلامية، هل امتلك رجالها المهارات والأدوات في التعامل مع الإعلام، خاصة فهم الأساليب والآليات والحيل التي يعمل بها الإعلام والإعلاميون.. هل شاهدوا الفِخاخ التي وقع فيه بعض رجال المهندس المغامر شريف إسماعيل؟

أحيانًا تجد شيخًا حافظًا القرآن عن ظهر قلب ولا يجوز له الإمامة لصوته الأجش، وكذلك بعض الوزراء يحققون إنجازات لا مثيل لها، ولكن إن تحدثوا للإعلام أضاعوا كل شيء.. ولا يمكن أن نجعل الطيور تقف على رؤوسهم؛ فمن حق كل وزير أن يُسوق لإنجازاته ونشاطه، ولكن عليه أن يتحمل تكلفة غُبار الساحة السياسية إذا تحدث، فما الحل؟

الحل أن هناك تدريبات- مش عيب ولا حرام- نظرية وعملية في مؤسسات عديدة، وظيفتها تجهيز الساعين لمرمغة هذا الغبار، وتزويدهم بالمهارات والأدوات في التعامل مع الإعلام وفهم أساليبه وحيله المتطورة.. فكم من وزراء خسرناها بسبب زلة لسان، بسبب تصريح غير مقصود، بسبب نبرة صوت لم يقبلها الجمهور، بسبب حركة يد غير مألوفة المكان والتوقيت.. كُثر لا ترهق نفسك في الماضي يا دكتور.. واستعد وكتيبتك للمستقبل.

ننتظر يا دكتور حكومة جديرة بالثقة، إنجازاتها تتحدث أكثر .. ننتظر رجالا كلامهم بالجرام مثل الذهب، وقدر من الحيطة خشية مشانق السوشيال التي لا تغفر ولا تقبل توبةً.. ننتظر الحقيقة كاملة عبر إعلام وسيط يجعل الشعب يرى الصورة كاملة وحقيقية.. الجميع يتعلم كل يوم شيء جديد، ولا أحد كبير على ذلك.

ملحوظة أخيرة: الإعلام يكون- أحيانًا- طرفًا في المعادلة عندما تكون الحرب على هدم الأوطان وشعوبها وجيشها ..

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.

البنك الأهلي
tech tech tech tech
CIB
CIB