”جاك ديدرا”.. الفيلسوف الفرنسى الذى نادى بحقوق أفريقيا والشرق الأوسط
ماهر فرجيعد الفيلسوف الناقد الأدبي الفرنسي جاك دريدا، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1930 بمدينة الآبيار الجزائرية، أول من استخدم مفهوم التفكيك بمعناه الجديد في الفلسفة.
اهتم "دريدا" بعلاقة الفلسفة والقوميات اهتمامًا فلسفيًا، وانتبه إلى المشكلات العالمية الكبرى، وحدث عن موقفه لا في الصحف ولا في الإعلام الناطق، بل في سياق فلسفي محض أخلاقي في أعماقه بلا مداراة أو تردد، ولا تساهل، لا مع نفسه ولا مع غيره.
ويضيف المترجم كاظم جهاد، في تقديمه للنسخة العربية من مؤلف جاك دريدا المعنون بـ"الكتابة والاختلاف": عرض إلى ذلك ولمح في أسلوبه الخاص به، وهو يحدث زملاءه في الفكر والاهتمام به يوم جمعهم وإياه مؤتمر عالمي في الولايات المتحدة الأمريكية وفي ظروف دقيقة معروفة عن غايات الإنسان، وهو الأول الذي جدد الفكر في علاقة الفلسفة بالقومية وبالذاتية، متسائلًا عن معنى الفروق الوطنية التي طمسها الفكر الفلسفي، كما تحاول طمسها المؤتمرات العالمية التي تتحدث عن الإنسان أو تفترض الحديث عنه، فوضح موقفه من هذه الحالة ثم موضعه من هذه اللقاءات بالحديث عن مسألة الإنسان في فرنسا.
موضوعات ذات صلة
وهنا يبدأ تساؤل عن ماهية التيار السائد في الفلسفة الفرنسية بعد انهيار النسق العقلي ــ الروحي الذي مثله آلان برجسون.
جاك دريدا: أنا إفريقي
ويلفت "كاظم" إلى أن جاك دريدا، استطاع التوفيق بين أفكاره ومواقفه مع الاحتفاظ بجذر الفكر مبتعدًا عن ضجيج الإعلام، وقال مرة: "أنا إفريقي"، وقال إنه يشعر بالعسر في الثقافة الفرنسية، وبالغربة.
ولقد كتب جاك دريدا مقالًا عن نيلسون مانديلا وعن مدلول تضحيته، وموقفه من قضايا الشرق الأوسط، موقف عادل يفي حقوق شعوب المنطقة حقها، وفي المقام الأول إحقاق حق الأرض المحتلة.
ثم لم يقف أمر الاهتمام بهذا النوع من المشكلات عند هذا الحد، فلم يكتف جاك دريدا بالتعبير عن موقف ولا بفلسفته كمشكل له علاقة بشئون الفكر، وبالحرية، بالحرية أولًا، بل أصغي إلى الهدير العميق الذي ربط الفلسفة منذ القديم بالكيان الجماعي، وباللغة، واهتدي إلي المفهوم الأساسي، إلى الروح، بمعني الروح في عبارة "الروح القومية"، و"القيم الروحية"، و"العلاقة الروحية"، وما إلى ذلك من القضايا التي تزج بالفكر في خضم الحماسات الشعبية والنزاعات السياسية، وإعادة إثبات ذات الذات.
ويشدد "كاظم" علي أن: جاك دريدا، يحتل مكانة أساسية ضمن جيل الفلاسفة الفرنسيين التالين لـ "سارتر"، "ميرلو بونتي"، والذين توالت أعمالهم في الصدور منذ خمسينيات القرن العشرين.
وضع جاك دريدا، استراتيجية شاملة للتفكيك، وهذه الإستراتيجية عليها في نظره أن تتفادي الوقوع في فخ الثنائيات الميتافيزيقية، وأن تقيم ببساطة، داخل الأفق المغلق لهذه المقابلات، عاملة علي رجه من الداخل.
ولتغذية هذه الاستراتيجية الشاملة للتفكيك، اتجه دريدا، بالإضافة إلي دراسته تفكيكيًا للنصوص المؤسسة للفلسفة الغربية (أفلاطون، روسو، هوسرل)، اتجه إلى الأدب الذي وجد فيه، وبخاصة لدى شعراء وكتاب مشغولين باستراتيجية التفكيك.