ماذا ينتظر تشارلز وهل سيلتزم الصمت بعد أن أصبح ملكًا؟
هنا محمدبعد وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية تولى تشارلز الثالث منصب ملك إنجلترا وهو عبء ثقيل على أى فرد أن يحمله، فقد كان تشارلز صاحب أطول مدة لوراثة العرش، ولطالما كانت مواقفه والقضايا التى يدافع عنها والفضائح التى نسبت إليه تحت المجهر طوال حياته. وعلى الرغم من توليه المزيد والمزيد من الواجبات الملكية فى الأشهر الأخيرة، إلا أن الأمر لا يقلل من أهمية انتقال الخلافة إليه. فمن المتوقّع أن تمرّ المملكة بفترات من الريبة وعدم الاستقرار على كلّ من الصعيد السياسى والثقافى والاجتماعى.
يستهلّ الملك تشارلز عهده فيما تمرّ المملكة المتّحدة بوقت عصيب ويرزح العالم تحت عبء الريبة وعدم الاستقرار. فقد خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى (بريكست)، وهى تحاول ترسيخ مكانتها فى العالم. ويعتبر هذا الخروج امتحانا لوحدة المملكة نفسها .
لطالما كانت الملكية البريطانية أداة للقوة الناعمة على الصعيدين الداخلى والخارجى. ومن المرجح أن يكون لتشارلز وجهات نظر خاصة به حول كيفية استخدام قوته الناعمة ونفوذه. وقد يقدم سجله فى الحقل العام فكرةً عن الشكل الذى سيتخذه حكمه. قد يكون مبدأ الملك الجديد الحرص على استمرارية النظام الملكى فحسب.
موضوعات ذات صلة
لدى الملك تشارلز سجل فى الحقل العام يعود إلى 70 عامًا. لقد تعرض لفضائح بالطبع، بما فى ذلك انفصاله عن الأميرة ديانا. كما تبنى علناً قضايا على غرار الدفاع عن صيد الثعالب والطب البديل والزراعة العضوية. أمضت صحيفة «جارديان» 10 سنوات فى محاولة نشر مذكرات كتبها تشارلز إلى وزراء الحكومة، للضغط من أجل قضايا مختلفة.
تتضمن ما سمى بـ «مذكرات العنكبوت» كل شىء بدءاً من الطلب لإنهاء الصيد غير القانونى لسمكة باتاجونيا إلى الدعوة لزيادة عتاد القوات فى العراق. من ناحية أخرى، تعكس شخصيته فى المجال العام صورةً عن الملك الذى سيكون.
ويبرز دفاعه عن البيئة بشكل ملفت للنظر، حتى أنه سمى بالملك البيئى المنتظر إذ يحاول بشدة تأسيس منصة عالمية جديدة للنظام الملكى البريطانى وقد نشر موقع «ڤوكس» الإخبارى أنه ثمة العديد من الأسئلة حول الشكل الذى ستبدو عليه هذه القيادة، ولكن تشارلز يتمتع بالكثير من المصداقية عالمياً، على الأقل بالنسبة لقضية المناخ العالمية، حيث كان يحذر من تغير المناخ منذ التسعينيات.
يتولى تشارلز أيضاً منصب رئيس الكومنولث، وهى مجموعة متباينة من الدول التى لا تربطها سوى علاقات غير وثيقة مع بريطانيا. لقد استثمرت الملكة إليزابيث فى دورها كقائدة للكومنولث، وفى نقله إلى تشارلز إشارة إلى أنها تريده أن يستمر.
ولكن ثمة أيضاً الكثير من الحسابات التاريخية العالقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتاريخ بريطانيا الإمبراطورى وانخراطها فى تجارة الرقيق. لذا، قررت بعض البلدان التى لا تزال تعترف بالنظام الملكي، مثل بربادوس، مؤخرًا عزل إليزابيث كرئيسة للدولة، ومن المرجح أن تفعل ذلك دول أخرى مثل جامايكا.
ما إذا كان الملك تشارلز يستطيع الحفاظ على دوره كرئيس للكومنولث ويكتسب هذا الأمر أهمية لاسيما أن المملكة تعيد تحديد هويتها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبى. روجت حكومة المحافظين لفكرة «بريطانيا العالمية» فى عالم ما بعد بريكست.
وهى فكرة تعيد فيها المملكة المتحدة تأكيد قوتها ونفوذها خارج الاتحاد الأوروبي. ثم هناك مسألة بريطانيا نفسها. لعبت الملكية تقليدياً دوراً فى تعزيز روابط «البريطانية» أى بين إنجلترا واسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية.
تتراكم هذه التحديات فى زمن تعصف بأوروبا حالة عدم استقرارٍ لم تشهدها منذ عقود. لقد أدى الغزو الروسى لأوكرانيا ورد الغرب عليه إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية وتكلفة المعيشة التى نتجت عن انتشار جائحة كورونا وخروج المملكة المتحدة.
ولكن فى ظلّ هذه التحديات، قد لا يتغير النظام الملكى البريطانى كثيرًا. أما الشكل الذى سيتخذه عهد الملك تشارلز، والقضايا التى سيناصرها، فسيحددها الضغط الذى سيواجهه للحفاظ على ارتباط البريطانيين بالنظام الملكي. عرف عن الملك تشارلز تعبيره العلنى عن آرائه فى كل القضايا من تغير المناخ إلى الهندسة المعمارية.
وعلى الرغم من سخرية البعض من آرائه، واتهامه بالتدخل فى شؤون سياسية واجتماعية قد لا تعنيه، كان تشارلز البالغ 73 سنة يعتقد دوماً أن عليه التعبير عما يدور فى خلده فيما يتعلق بقضايا يرى أنها تهم البريطانيين أيضاً.
وحذر فى السنوات القليلة الماضية من أن المشكلات التى يتسبب فيها التغير المناخى تؤجج الحروب والإرهاب وموجات الهجرة الجماعية.
واعترف هو شخصياً أن آراءه أثارت الجدل. وفى يونيو الماضى أثار تشارلز موجة انتقادات من وزراء بعد أن قيل إنه انتقد سياسة حكومية تتمثل فى إرسال طالبى لجوء إلى رواندا. وفى عام 2014 تسبب تشارلز فى خلاف دبلوماسى بعد أن نشرت تعليقات خاصة قيل إنه شبه فيها مراراً الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بأدولف هتلر بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
وفى دوره الملكى الجديد سيعقد تشارلز اجتماعاً أسبوعياً خاصاً مع من يشغل منصب رئيس الوزراء لمناقشة الشؤون الحكومية. وتشير تقارير إعلامية مستقاة من الدوائر الملكية المقربة إلى أن المستشارين فى البلاط الملكى يحبسون أنفاسهم لحين معرفة إذا ما كانت تدخلاته فى الأمور السياسية ستشهد مزيداً من الشطط .