الفقر في ليبيا وانتخابات الرئاسة
موقع السلطةليبيا، تعتبر إحدى أغنى الدول الإفريقية بالنفط والغاز وإحدى أهم المصدرين لمشتقاتها، وموقعها على المتوسط جعلها موردًا رئيسيًا للطاقة في أوروبا، لكن المفارقة الغريبة تكمن في أن الشعب الليبي يعاني معظمه من فقر مدقع، وبعبارة اعتاد الليبيون ترديدها تتمثل حالهم "اغنى دولة وأفقر شعب".
وواقعياً لا يبدو لمن يزور ليبيا ولا يعرف عنها كثيراً أنه يسير على أرض تسبح فوق بحيرات من النفط والغاز، كونها تمتلك أعلى احتياط نفطي مؤكد في أفريقيا والتاسع على مستوى العالم بواقع 41.5 مليار برميل، وخامس أكبر احتياط مؤكد من الغاز الطبيعي في أفريقيا يقدر بنحو 1.4 تريليون متر مكعب، بينما لا يزال سكانها يتلقون خدمات ضعيفة ويعانون الأمرين من سوء البنى التحتية، على الرغم من آلاف المليارات من الدولارات التي حصلتها الدولة من مبيعات الطاقة على مدى 60 عاماً.
والمشكلة تكمن في انتشار الفساد في هذا البلد النفطي، فبعد ان أطاحت ثورة فبراير بدعم من حلف الناتو، نظام العقيد معمر القذافي، دخلت ليبيا في دوامة كبيرة من الفوضى المسلحة وفي اقتتال سياسي وصراع على الشرعية وحتى انقسامات مؤسساتية وإرهاب.
و تضاعفت الملفات في عهد حكومة الوحدة الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتردت الأوضاع الخدمية والمعيشية بشكل هائل منذ استلامه لمنصبه العام الماضي، ورفضه المستمر للتنحي وترك منصبه للحكومة الجديدة ، هذا يثير مخاوف من اندلاع نزاع مسلح جديد لا طائل له في البلاد.
وفي السياق، احتشد سياسيون وأعيان وحكماء ونشطاء، في سوق الجمعة (شرق مدينة طرابلس)، للتنديد بحكومة «الوحدة الوطنية»، التي قالوا إنها «منتهية الولاية»، مشيرين إلى أنها «فقدت القدرة على تلبية احتياجات ومتطلبات حقوق وخدمات المواطن الأساسية، ومن بينها الأمن الغذائي والكهرباء والوقود والرواتب».
يأتي هذا بينما كسرت وقائع وأرقام بالجملة قدمها النائب العام إلى الرأي العام الليبي، حالة الجمود الناجم عن انسداد العملية السياسية في البلاد، وأثارت جدلاً واسعًا في الشارع الليبي.
حيث وجد الخلل بيئة خصبة للتغلغل إلى مفاصل الدولة في مختلف القطاعات الوزارية، عكستها وقائع ظلت مغيبة لسنوات قبل أن يفتح النائب العام المستشار الصديق الصور خزانتها للمرة الأولى، ويكشف عيوباً في الأجهزة .
ففي مؤتمر صحفي كشف النائب العام آلاف الأرقام الوطنية المزورة، غير مدرجة في منظومة السجل المدني، واستفادة 88 ألفاً و819 رقماً وطنياً غير صحيح من نحو 208 ملايين دينار، و29 ألف شخص من المنح دون وجه حق إلى جانب خسائر أخرى في الحصول على النقد الأجنبي، إلى جانب 3329 بطاقة مزورة في منظومة قاعدة بيانات المسجلين للتصويت في الانتخابات، إضافة إلى تزوير جوازات سفر.
ودعا سياسيون وحكماء ليبيون عبد الحميد الدبيبة، إلى «التنحي» عن السلطة «قبل فوات الأوان»، محملين جميع وزرائه «المسؤولية الكاملة عما يترتب على بقائها في مناصبهم ».
ولم تنجُ أي سلطة تصدّرت الحكم في ليبيا، إلا نادراً، من المطالبات الشعبية والسياسية برحيلها، بداية من الرئيس الراحل معمر القذافي، مروراً بغالبية رؤساء الحكومات، الذين تعاقبوا على إدارة شؤون البلاد، ووصولاً إلى الدبيبة راهناً.