غرام وانتقام.. كيف تحول الحب من مسلسل العشق إلى سلسال الدم ؟
كتب محمود الجمل«ومن الحب ما قتل» جملة شهيرة قالها الأصمعى بعد مداولات شعرية بينه وبين أحد العشاق المولعين شهدت عليها شوارع بغداد فى القرن التاسع الميلادي، وانتهت بإنهاء هذا الشاب لحياته ليقول الأصمعى مقولته الخالدة التى كانت حتى أيام قليلة تعبر عن حال كثير من العشاق.
ولكن فجأة وبدون سابق إنذار وفى ظل حالة الانهيار الأخلاقى التى يعانى منها مجتمعنا تحول الحب إلى قتل وابتزاز وانتقام، وبعد أن تعلمنا أن قيس الذى هام عشقًا فى ليلى أصابه الجنون وراح يجوب الصحراء بعد فقده لها، وجدنا «قيس» القرن الحادى والعشرين يقتل «ليلاه» على قارعة الطريق حتى لا تكون لغيره، ووجدنا آخر يبتز حبيبته بصور أو شات بينهما ليفضى حبهما إلى الموت.
ومع تكرار حوادث المحبين مؤخرًا كان لابد أن نتساءل: كيف تحولت أسمى المشاعر الإنسانية إلى «غرام وانتقام»؟ وكيف تحول الحب العذرى - الذى كان يضحى فيه العاشق بكل شئ لإسعاد حبيبه- إلى رغبة فى القتل والانتقام؟
موضوعات ذات صلة
- لطلاب الثانوية العامة.. نظام غذائي يساعد على التركيز والتحصيل
- احذر التوتر يؤثر على أسنانك
- الثانية بتفرق.. الإسعافات الأولية لإنقاذ مريض الذبحة الصدرية
- فوائد مشروب الشعير .. أبرزها إنقاص الوزن وضبط السكر في الدم
- 5 أطعمة يجب تناولها في الصباح.. أبرزها الأفوكادو
- احذر.. تعرق الوجه بشكل مستمر يشير إلى الإصابة بأمراض القلب
- اقضي على الرؤوس السوداء وتمتعي ببشرة نقية.. 3 وصفات طبيعية
- بعد الحديث عنه.. فوائد غير متوقعة خبز البطاطا
- أطباء: انتفاخ البطن المستمر قد يكون علامة للإصابة بالسرطان
- أبرزها الشيكولاتة وسكر الدايت.. أطعمة تسبب الصداع عقب تناولها
- ميقاتي: المصلحة الوطنية ستتغلب على كل شئ وسنشكل حكومة لبنانية تستطيع تأدية واجبها
- غداً.. حدث فلكي نادر اعرف تأثيره على برجك
«الحب زمان غير دلوقتى» كلمات نظمها الشاعر فتحى قورة وتغنى بها الفنانان الراحلان محمد فوزى وصباح فى فيلم «الآنسة ماما» عام 1950، تعد الآن أبلغ تعبير عما وصل إليه حال الحب والمحبين، فقصص الحب التى خلدها التاريخ سواء عربيًّا أو عالميًّا مختلفة تمامًا عما نسمع عنه الآن، فأشهر كلاسيكيات قصص الحب كانت تدور حول التضحية ولو بالنفس فى سبيل المحبوب، ففى رائعة الكاتب الانجليزى وليم شكسبير ضحى الحبيب روميو بحياته اعتقادًا منه أن جولييت تناولت السم مفضلة الموت على فراق حبيبها، فتناول هو أيضا السم ليلحق بها، وبعد أن أفاقت جوليت من لعبتها واكتشفت وفاة حبيبها فقتلت نفسها بخنجره ليلتقيا فى الحياة الأخرى.
ولكن فى العصر الحديث تبدل الحال فوجدنا الشاب محمد عادل يقتل حبيبته نيرة أشرف طعنا بالسكين ويذبحها على قارعة الطريق على مرأى ومسمع من المارة وكأنه ينتقم من حبه لها، فى واحدة من أبشع الجرائم التى هزت الرأى العام فى مصر، وآخرها المستشار التابع لمجلس الدولة والذي قتل زوجته شيماء جمال بعد تهديدها له بفضح أمره أمام زوجته الأولى.
ولأن الجرائم مثل الأوبئة تنتقل بالعدوى فبعد أيام قليلة من وقوع هذا الحادث المأساوى تكرر الأمر فى الأردن، حيث لقيت فتاة تدعى إيمان مؤيد إرشيد مصرعها فى إحدى الجامعات الخاصة بالأردن، بعد أن قام شاب بتصويب 4 رصاصات نحوها، وتداول أصدقاؤها رسالة وردت إلى هاتفها المحمول يهددها فيها الشاب بالقتل مثلما فعل الشاب المصري.
وبعدها بساعات قليلة قامت طالبة بالفرقة الأولى بكلية الطب بذبح زميلها الذى ربطت بينهما علاقة عاطفية تطورت إلى علاقة غير شرعية، وبعد تهربه من الزواج منها اتفقت مع أحد زملائه على استدراجه إلى مكان بمصر الجديدة حيث قامت بذبحه بسكين.
« لا يجتمع الحب والجريمة أبدا إلا فى الأفلام العربية السخيفة المفتعلة» كان هذا هو وصف الدكتور الراحل مصطفى محمود فى كتابه «أناشيد الإثم والبراءة»، ولكن ها هو الحب والجريمة يجتمعان معا على أرض الواقع، ورغم أن الدكتور محمود استطرد قائلا: أن «الحب هو قرين السلام والأمان والسكينة وهو ريح من الجنة» إلا أن حب «الأيام دي» أصبح مختلفا، فكم من الجرائم ترتكب باسمه، قتل وانتحار وابتزاز ومتاجرة بالمشاعر وزنا وسرقة وخيانة وأشياء أخرى.
ولعل الفن كان سببا فيما وصل إليه حال المحبين، فبعد أن تعلم المصريون والعرب الحب على صوت «ثومة» و«حليم» ونجاة وفريد، وذابوا على وقع كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى وشاعر النيل حافظ إبراهيم، نجدهم الآن يستمعون لأصوات نشاز تتغنى بكلمات لا تعرف عن الحب سوى الجسد و«عود البطل» والانتقام من الحبيب بـ «شقه نصين لو تركه» أو «هدم بيته لو خاصمه».