وزير دفاع سنغافورة: نأمل حدوث انفراجة في العلاقات بين أمريكا والصين
أ ش أأعرب وزير الدفاع السنغافوري، نج إنج هين، عن أمله في حدوث انفراجة في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، محذرًا من أن تصاعد العداءات بينهما ستضر بالجميع، وحال حدوث مواجهة حقيقية بينهما ستقود العالم إلى "كارثة"، حسب وصفه.
جاء ذلك في مقال لوزير الدفاع السنغافوري، نشرته مجلة "ديفينس نيوز" الأميركية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية لعام 2022، استقطب أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.
ودعا الوزير السنغافوري إلى صياغة مدونة سلوك لنزع فتيل التوترات في منطقة بحر الصين الجنوبي خشية وقوع حوادث لا يُحمد عقباها.
واستعرض أمنياته السبع للعام الجديد 2022 قائلاً: "من المهم أن نُبقي توقعات المستقبل محصورة داخل مملكة المستبصرين أو بين ساحات عرافيهم ذوي المواهب المحدودة، أما بالنسبة لنا جميعا- بما فيهم الزعماء السياسيون- فبوسعنا أن نطلق العنان لأمانينا، وهذه قائمة الأمنيات المتعلقة بشؤون الأمن خلال هذا العقد، وتوقعاتي هنا تتسم بالواقعية"
فإذا أنجزنا إصلاحات- حتى في الأعمال التي لا زالت قيد التشغيل- فإنها ستكون بالنسبة لنا هي الهدايا الحقيقية المرحب بها. وتلك أمنياتي السبع:
1- حدوث المزيد من الشراكة العالمية المنسقة والمترابطة لمواجهة التهديدات البيولوجية. كان ينبغي لعالمنا أن يعمل بصورة جماعية أفضل خلال تعاطيه مع وباء "كوفيد-19". وتضم سلسلة الأحداث جملة سلبيات تتعلق بالانذار المبكر للوباء، ومعايير الوباء، وارتباك سلاسل الإمداد العالمية، وتوزيع غير عادل للقاحات، وأداء مترهل في مواجهة التضليل والمعلومات المغلوطة، والقائمة تضم المزيد.
ولا تزال أعداد ضحايا الوباء، الذين بلغوا أكثر من 5 ملايين، مرشحة للارتفاع. ونقر بأن إجراء تحسينات سريعة وفعالة على اللقاحات- هي الأسرع في تاريخ الطب- كانت منقذاً للحياة، من الناحية النظرية. لكننا في المرة المقبلة لن نكون محظوظين بنفس الدرجة، حال حدوث إصابات فيروسات معدية "لمرض ما"، وهو ما سيهدد جنسنا البشري. لذا فنحن في احتياج إلى أن نعمل سوياً في هذا السياق.
2- بناء حواجز وسبل كفيلة للتعامل مع التغيرات المناخية. وبغض النظر عن الشح الذي أبداه البعض، فإن قمة المناخ COP26 عكست التزاماً عالمياً للتعاطي مع أزمة المناخ. لكن التعامل مع أكبر تهديد وجودي لهذا الجيل سيلقي بتبعاته على عشرات إن لم يكن ملايين من البشر، فإننا بحاجة إلى التخلي عن الأقوال المبتذلة والتحرك صوب بناء حواجز قادرة على تخفيض الانبعاثات الكربونية بفعالية. وتعد مسألة التمويل محورية في تلك المسألة نظراً لأن تسعير الكربون يعد مكوناً جوهرياً لهذا الإطار. كما أن الجيوش يجب أن تلعب دورها في ذلك. وبوصفنا جزءاً من الجهد الحكومي الشامل في سنغافورة، أعدت القوات المسلحة السنغافورية خططاً واضحة لتقليص نمو الانبعاثات الكلية بواقع الثلثين بحلول عام 2030.
3- حدوث انفراج مثمر بين الولايات المتحدة والصين. فعلى صعيد قضايا العالم، فإن الولايات المتحدة والصين يحتاج كل منهما الآخر. وندرك جيداً أن مواقفهما ووضعيتهما متباينة إلى حد بعيد، ليس فقط بالنسبة لنظام الحكم والأيديولوجيا، لكن تصاعد العدائية بينهما سيضر بنا جميعا، كما أن حدوث مواجهة حقيقة بينهما ستكون كارثة. وهنا تكمن أمنيتنا في أن نرى رجال دولة متعقلين وبعيدي النظر للبحث عن أرضية مشتركة قادرة على تغيير مسيرة العلاقات إلى ما طريق أفضل وأكثر فعالية.
4- التوافق بشأن مدونة سلوك في بحر الصين الجنوبي. مطلوب صياغة مدونة سلوك لتخفيف التوترات في منطقة بحر الصين الجنوبي. ورغم النصائح التي صدرت من كل من "رابطة بلدان جنوب شرق آسيا" ASEAN وزعماء الصين لإجراء مباحثات استكشافية في هذا الأمر، فإنها لم تترجم على أرض الواقع.
قد تتحمل جائحة كوفيد-19 جانباً من المسؤولية، لكن ليس هناك أفضل من هذا الوقت لكي نؤسس قوة دفع لتلك المسألة قبل وقوع حوادث حقيقية. يجب أن تتماشى مدونة السلوك مع القانون الدولي، وأن تتعهد الأطراف الموقعة كافة بالالتزام بالاتفاقية معنوياً ومادياً على الأرض.
5- اتخاذ إجراء قوي ضد الهجرة القسرية وتهريب البشر. ووفق احصاءات أخيرة، بلغ ضحايا تهريب البشر 50 ألف إنسان في حوالي 148 دولة. الأرقام الحقيقية للضحايا من المرجح أن تكون أعلى بكثير من تلك المعلنة. وقد يتدهور الوضع حال تفاقم نقص الغذاء والماء جراء التغيرات المناخية التي قد تتسبب في مجاعات واندلاع حروب مياه. علينا العمل على اتخاذ إجراء وتقديم دعم قوي لتقليل معاناة الأبرياء واستغلالهم.
6- إيجاد أدلة إرشادية للتكنولوجيات البازغة. سارع وباء كوفيد-19 من توجهات الرقمنة الترابط، لكنه زاد أيضاً من قابلية التعرض لهجمات سيبرانية. وأصبحنا في حاجة ماسة وعاجلة لتوفير أطر عمل قادرة على منع حدوث كارثة فشل البنية التحتية الأساسية، كمنظومات المستشفيات، ومحطات المياه، وشبكات الطرق.
ومع تنامي التكنولوجيات البازغة كالذكاء الاصطناعي، والتقنيات ذاتية الحركة، وتقنيات الهندسة الوراثية لإجراء تعديلات بالشرائط الوراثية البشرية، بات من الضروري توفير تدابير حماية ورقابة للحيلولة دون إساءة استخدامها ولمنع الانتهاكات الأخلاقية. ومن الضروري تشكيل أساليب إرشادية وتوفير مسارات محددة لذلك من خلال التعاون بين الأمم المتحدة وأطر العمل متعددة الأطراف مثل "شراكة الذكاء الاصطناعي من أجل الدفاع".
7- توفير الأمن والصحة للجميع. دعوني أختتم هذا بالحديث عن الأمنية الأخيرة: أن يكون هناك عام جديد آمن تنعم فيه العائلات جميعها بالصحة. وقد ذكرنا وباء كوفيد-19 بشكل دراماتيكي، حقيقة أن "الصحة هي الثروة"، وأننا في الغالب نعتبر السعادة البسيطة، حينما نتناول وجبة أو نمضي وقتا مع مَن نحب،أمراً بديهياً لن يزول".