حكاية فيلم| بطولات بورسعيد بأمر الزعيم جمال عبد الناصر: «انت عملت لاسمك تاريخ يا فريد»
محمد شوقيكان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، مدركًا لقيمة الفن وتلك القوة التي يجسدها، وهو من هواة السينما، وكان صاحب ثقافة سينمائية كبيرة، إضافة إلي أنه كان يعشق التصوير، فكان يمتلك كاميرا سينما صغيرة في منزله يقوم بتصوير العديد من الأحداث العائلية له ولأبنائه ولأصدقائه، وبالتالي كان متأكدًا من تأثير السينما على مفاهيم وسلوكيات الشعوب.
في مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان يجلس معه أنور السادات وبصحبتهما الفنان فريد شوقي الذي تم استدعاؤه للقاء عاجل مع الزعيم؛ ليطلب منه عبد الناصر طلب هو الأول من نوعه، وهو أن يقوم بتصوير فيلم عن بطولات مدينة بورسعيد الباسلة، ويوضح فيه هزيمة العدوان الثلاثي على مصر؛ ليصبح بذلك الفيلم الأول الذي يتم إنتاجه بناءً على تعليماته مباشرة من رئاسة الجمهورية.
لم يتوان فريد شوقي لحظة واحدة، فقد حصل علي التكليف ليتوجه مباشرة إلى المخرج عز الدين ذو الفقار قائلاً له: «الرئيس يريد فيلما عن حرب بورسعيد، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه تجاه الوطن».. تحمس ذو الفقار وبدأ في كتابة قصة الفيلم والسيناريو الخاص به، حيث اتصل بعلي الزرقاني ليشاركه في الكتابة ويتولى مسئولية كتابة الحوار.
موضوعات ذات صلة
قرر فريد شوقي أن تتولى شركته إنتاج الفيلم، وطلب من المخرج حلمي رفلة أن يكون هو المشرف على الإنتاج الذي تكلف ما يقرب من 37 ألف جنيه، بينما سيقوم فريد شوقي بدور البطولة مع حشد أكبر عدد ممكن من نجوم السينما، ومنهم هدى سلطان، شكري سرحان، وليلي فوزي، وأحمد مظهر، ورشدي أباظة، وحسين رياض، وأمينة رزق، وزهرة العلا، وسراج منير، وزينب صدقي، كما اشترك المخرج عز الدين أيضًا في التمثيل.
أراد ذو الفقار أن يوثق جرائم القوات الانجليزية والفرنسية على بورسعيد، فاختار أماكن التصوير في مدينة بورسعيد، حيث الدمار الذي سببته القوات المعتدية للمدينة، حيث أصبح الفيلم عبارة عن ملحمة سينمائية حقيقية تجسد انتصار وتضحيات المدينة الباسلة.
وفي النهاية، أنهى صناع العمل فيلمهم، وانتهت عمليات ما بعد الإنتاج من مونتاج وهندسة صوتية وتحميض وغيرها، وأصبح الفيلم جاهزا للعرض؛ ليحمل فريد شوقي نسخة من الفيلم ويتوجه بها إلى رئاسة الجمهورية لمقابلة الزعيم جمال عبد الناصر، ومعه رسالة منه للرئيس، يوضح فيها مدى امتنانه هو وفريق العمل بتلك اللحظات التاريخية التي اجتازها شعب مصر خلال العدوان الثلاثي الغاشم، والذي حاول كل فريق العمل تجسيد تلك الملحمة الوطنية الرائعة.
وقال له الزعيم جمال عبد الناصر: «أنت عملت لاسمك تاريخ يا فريد».