بعد رحيل قابوس .. ماذا ينتظر سلطنة عمان في عهد الحياد ؟
كتب ماهيتاب محمود موقع السلطة"سنسير على نهج السلطان قابوس" .. كان هذا التعهد الأول الذي قطعه على نفسه سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد، فور تنصيبه خلفًا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، الذي رحل عن العالم فجر السبت عن عمر ناهز 79 عامًا وحكم البلاد منذ عام 1970.
وطيلة خمسة عقود من حكمه، نجح السلطان قابوس في إبعاد بلاده عن دوائر الصراع المحتدم بالمنطقة، والحفاظ على استقلال سياستها الخارجية وعدم الانخراط في الأزمات الدولية المتفاقمة، وهو أمر أشبه بالمهمة المستحيلة في بقعة تتسم بالنزاع المتواصل وهي أبعد ما يكون عن الحياد.
ومع رحيل مؤسس السياسة الخارجية للبلاد، تترقب سلطنة عمان عهدها المقبل تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق، الذي تعهد بالاستمرار في السياسة السابقة.
موضوعات ذات صلة
- رئيس الوزراء مقدمًا العزاء في قابوس: ”مواقفه المشرفة لا تنسى”
- نص كلمة ”عبدالعال” خلال الجلسة العامة بحضور رئيس البرلمان الليبي
- السيسى يهنئ سلطان عمان: نتطلع لمزيد من التعاون
- البابا تواضروس : السلطان قابوس كان قائدا حكيما ورمزًا لقوة عمان
- مؤسس نهضة عمان .. القادة العرب ينعون السلطان قابوس
- مصر تعلن الحداد ثلاثة أيام على رحيل السلطان قابوس
- 10 معلومات في وداع السلطان قابوس بن سعيد
- من هو هيثم بن طارق خليفة السلطان قابوس؟
- شاهد .. مراسم تشييع جنازة السلطان قابوس بن سعيد في مسقط
- جهنم على الأرض .. مقتل 23 شخصا ونصف مليار حيوان في حرائق أستراليا
- 9 قرارات مهمة من مجلس النواب الليبي لمواجهة التدخل التركي
- قطرها يتجاوز المتر .. ”الوحش” أكبر زهرة في العالم
"تحديات واضحة"
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، إن "هيثم آل سعيد" تولى السلطة في وقت يتصاعد فيه التوتر في المنطقة بين إيران والخليج والولايات المتحدة، الأمر الذي هدد بإشعال الحرب في الشرق الأوسط.
وأضافت، أن سلطنة عمان غالبًا ما كانت تعمل كوسيط في المنطقة، حيث قامت برعاية محادثات وقف إطلاق النار خلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، واستضافت مناقشات سرية بين الولايات المتحدة وإيران مهدت الطريق للاتفاق النووي التاريخي في عام 2015، كما أنها التزمت الحياد في المقاطعة العربية لقطر منذ عام 2017.
وفي هذا الصدد، قالت كريستين سميث ديوان، وهي خبيرة بارزة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "لقد نجت عمان من الاختبار الأول بعد أن انتقلت إلى مرحلة انتقالية جيدة"، مضيفة: "لكن تحديات السلطان الجديد واضحة؛ وهي اجتياز المنافسة الإقليمية على النفوذ الدولي ومعالجة المطالب الملحة للإصلاح الاقتصادي".
وأوضحت "ديوان"، أن ضمان استقلال عمان يتطلب قاعدة مالية أكثر أمنًا، مشيرة إلى أن هذا الأمر يتطلب قرارات اقتصادية صعبة.
من جهتها، قالت الخبيرة في شؤون الخليج سنام فاكيل من معهد "تشاتام هاوس" البريطاني في تصريح لـ"فرانس برس" إنه من مصلحة السلطان الجديد تقديم نفسه كشخص يدعم استمرار السياسة السابقة ويواصل إرث السلطان قابوس، الذي كان يعتبر ناجحًا.
وشددت "فاكيل" على أن الاستمرارية على النهج السابق أمر مهم للغاية، إذ تواجه سلطنة عمان تحديات عديدة داخل الخليج.
"سويسرا الشرق الأوسط"
يأتي ذلك فيما ذكر موقع "أويل برايس" البريطاني، إنه مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة بعد مقتل القائد الإيراني البارز قاسم سليماني، قد يصبح دور عُمان الطويل كوسيط إقليمي أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وأضاف التقرير، أن عمان التي تشترك في الحدود البرية والحدود البحرية مع إيران والإمارات والمملكة العربية السعودية، تمكنت من تمييز نفسها كجزيرة للاستقرار في المنطقة، حتى أطلق عليها لقب "سويسرا الشرق الأوسط" إذ يعمل المسؤولون العمانيون كوسطاء في نزاعات المنطقة.
"الاتفاق النووي"
وأوضح التقرير أن الاتفاق النووي الذي تم إبرامه بين واشنطن وطهران، ربما لم يتم التوصل إليه دون مساعدة عُمان باعتبارها الحليف الوثيق للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وربما الشريك الوحيد الموثوق لإيران في الخليج، حيث عملت السلطنة على توفير قناة حوار بين الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين، والتي أرست قواعد المحادثات التي انتهت بمشروع الاتفاق النووي 2015.
"نوايا حسنة"
وأشار "أويل برايس" إلى امتناع سلطنة عمان عن الوقوف إلى جانب النزاعات الشرق أوسطية المتزايدة منذ أن وصل السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، إلى الحكم عام 1970، لذلك، لم يكن لدى عُمان سبب وجيه للانخراط في هذا النوع من الصراعات.
وفي ظل الانتقاد الدولي للقوى الإقليمية والعالمية لدورهم في حروب الوكالة لدى دول الشرق الأوسط، فقد اكتسب المسؤولون العمانيون نوايا حسنة من خلال دعم الدبلوماسية الثقافية والتنمية المستدامة، إذ تدعو عمان الطلاب الغربيين إلى بلادها لدراسة اللغة العربية كما ترعى جائزة لعلماء البيئة بالتعاون مع الأمم المتحدة.
"استفادة جيوسياسية"
وقال التقرير، إنه في مواجهة هذه التحديات التي تلوح في الأفق، يمكن لسلطنة عمان محاولة الاستفادة من علاقتها المباشرة بالجغرافيا السياسية من خلال بناء شراكاتها الدبلوماسية والاقتصادية لتعزيز التحالفات الدائمة، مؤكدًا أنه لا يمكن لوشنطن أو طهران الوصول إلى وسيط أفضل من سلطنة عمان.
وأضاف الموقع البريطاني، أنه يمكن للمسؤولين العمانيين الاستفادة من مهاراتهم الدبلوماسية في جذب المساعدات المالية أو الضمانات التجارية من القوى الأخرى التي تحتاج إلى مثل هذه الوساطة.
وذكر التقرير أن كل الأطراف الخليجية والإيرانية والأمريكية، قد تحتاج إلى مساعدة السلطنة لتحديد مستقبل مضيق هرمز مع استمرار التوترات الأخيرة، لافتة إلى أنه لا يزال لدى عمان الدبلوماسية الكافية لإخراج هؤلاء الممثلين من الصراعات المستمرة في المنطقة، كما أنها واصلت تقديم أفضل مثال لبلد محايد في منطقة مجردة من الحياد.