ذراع ترامب في الفضاء.. تعرف على القيادة الفضائية الأمريكية الجديدة
وكالات موقع السلطةأعادت الولايات المتحدة الخميس تأسيس "القيادة الفضائية الأميركية" لتكون الذراع العملية للجيش الأمريكي في الفضاء، في خطوة مثيرة تجاه "عسكرة الفضاء" الذي يمكن أن يطلق سباق تسلح بين الدول الكبرى خارج حدود الكرة الأرضية.
ففي حفل أقيم في البيت الأبيض الخميس، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "هذا يوم تاريخي.. القيادة الفضائية سوف تردع بجرأة العدوان وتتفوق على منافسي أميركا إلى حد بعيد"، مضيفا أن "الفضاء لن يكون مهددا أبدا".
وأوضح الرئيس الأميركي أن القيادة الجديدة ستتولى الدفاع عن المصلحة الحيوية لبلاده في الفضاء، الذي سيكون مجال الحرب المقبلة، بحسب ما ذكر موقع فورين بوليسي الأميركي.
وقال البيت الأبيض في بيان إن القيادة الفضائية ستعمل وبشكل نشط على توظيف قوات مخصصة من كل سلاح عسكري لإنجاز مهمات مباشرة في مجال الفضاء.
وكانت "القيادة الفضائية الأميركية" تأسست أصلا في العام 1985 للتنسيق بين العمليات الفضائية لمختلف فروع القوات المسلحة الأميركية، لكن تم حلها عام 2002 بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
وتشكل النسخة الجديدة من هذه القيادة الخطوة الأولى من رد الإدارة الأميركية على القدرات العسكرية المتعاظمة لكل من روسيا والصين لإرباك العمليات الفضائية الأميركية، من خلال عمليات التشويش الإلكتروني، وإسقاط الأقمار الصناعية من الأرض وغير ذلك.
والهدف النهائي هو إنشاء قوة فضائية كفرع سادس من القوات المسلحة التابعة للقوات الجوية الأميركية والتي ستقوم بتنظيم وتدريب وتجهيز فيلق من مشغلي الفضاء العسكريين، وهي خطوة لا تزال تتطلب موافقة الكونغرس.
وفي البداية، تعرض ترامب للسخرية بسبب تركيزه على إنشاء قوة فضائية، لكن الفكرة اكتسبت قوة في البنتاغون وفي الكابيتول هيل، في إشارة إلى الدعم الدولي للمقترح، حيث أعلنت فرنسا في يوليو الماضي عن إنشاء قوة فضائية خاصة بها.
بيئة استراتيجية مختلفة
من جهته، صرح قائد القيادة الفضائية الأميركية الجنرال جون ريموند، الخميس، قبل حفل البيت الأبيض بأن "القيادة الفضائية" مصممة لتهيئة "بيئة استراتيجية مختلفة"، حيث يتعين على الولايات المتحدة التنافس على الهيمنة مع لاعبين جدد، في إشارة إلى جهود الصين وروسيا مؤخرا في الاستثمار في العمليات الفضائية.
وقال ريمون إن خصوم الولايات المتحدة يعتقدون أن الفضاء يمكن أن يكون "كعب أخيل" بالنسبة للجيش الأميركي، وهو ما يريدون استغلاله، وأضاف "نحن الأفضل في العالم في الفضاء اليوم، لكن مستوى تفوقنا يتناقص.. لن يكون الفضاء كعب أخيل".
الجدير بالذكر أن ترامب وقع، في فبراير، مرسوما بشأن إنشاء وتشكيل القيادة الفضائية الأميركية، بهدف صد العدوان وحماية المصالح الوطنية في الفضاء.
وفي المقابل، وانتقادا للإعلان الأميركي الخميس، حذرت روسيا من عسكرة الفضاء الخارجي، وقالت إنها ستضطر للرد على التهديدات المحتملة بتدابير وإجراءات متطابقة.
وقالت موسكو إن واشنطن تقوم من خلال إنشاء القيادة العسكرية الجديدة بوضع الأسس اللازمة لعسكرة الفضاء واستخدامه في تحقيق أغراضها العسكرية.
حرب النجوم
بشكل أو آخر، تعتبر محاولات ترامب "الفضائية" هذه امتدادا للمبادرة العسكرية التي أطلقت في ثمانينات القرن الماضي، إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي أطلق عليها اسم "مبادرة الدفاع الاستراتيجي"، والتي صارت تعرف لاحقا باسم "حرب النجوم".
وكان أول من أنشأ هذه المبادرة الرئيس الأميركي رونالد ريغان، وذلك يوم 23 مارس 1983، بهدف استخدام الأرض والنظم الفضائية لحماية الولايات المتحدة من هجوم بالصواريخ الباليستية النووية الاستراتيجية، ورصد لها ميزانية بلغت حينذاك 26 مليار دولار يتم إنفاقها على مدى 5 سنوات وفي أقصى درجات السرية.
ولا شك أن الانتشار الكبير لأسلحة الدمار الشامل وامتلاك العديد من الدول للصواريخ الباليستية بعيدة المدى أو لتقنياتها، يجعل من الفضاء ميدانا مهما لأمن الولايات المتحدة ويدفعها لتعزيز قدرتها على الردع.
وخلال العقود الماضية، قامت الولايات المتحدة بتطوير نظم تسليحية وعسكرية فضائية، وباتت تمتلك نظاما للكشف عن إطلاق الصواريخ الباليستية، وإحاطة القيادة العسكرية والسياسية العليا في الوقت المناسب بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية.
أما روسيا، فقد أطلقت في نوفمبر 2015 القمر الصناعي "توندرا" إلى مداره، وهو قمر متطور يتمتع بالقدرة على اكتشاف الصواريخ الباليستية، والصواريخ التي تطلق من الغواصات، بينما تعمل حاليا على تطوير مجموعة محدثة من الأقمار الصناعية، التي ستتولى أيضا الدفاع عن الفضاء ضد الصواريخ الباليستية.
تدمير الأقمار الصناعية
دخلت عسكرة الفضاء مجالا جديدا في ثمانينيات القرن العشرين، حيث طور الاتحاد السوفيتي السابق برنامجا أطلق عليه اسم "قاتل الأقمار الصناعية" وهو جزء من النظام الدفاعي عن الفضاء.
وتضمن البرنامج السوفيتي صاروخ "تسيركون-2" مع مركبة فضائية اعتراضية يتم وضعها في مدار قريب من الأرض، وتم تجريبه بنجاح في اعتراضات على مدار الأقمار الصناعية السوفيتية الأخرى.
وخلال عقد الثمانينات الماضي أيضا، وتحديدا في سبتمبر 1985، أطلقت الولايات المتحدة صاروخا مضاد للأقمار الصناعية من طائرة مقاتلة من طراز "إف 15" ونجحت في تدمير قمرها الصناعي "سولوفيند".
وفي فبراير 2008، تم تدمير القمر الصناعي العسكري الأميركي "يو أس إيه 193" بنجاح بواسطة صاروخ "أس أم 3".
من جهتها، نجحت الصين في يناير 2007 بتدمير مركبتها الفضائية للأرصاد الجوية "فنغيون 1 سي" على ارتفاع 865 كيلومترا بواسطة صاروخ مضاد للأقمار الصناعية تم إطلاقه من قاعدة شيتشانغ الفضائية.
وتمكن الصاروخ الصيني من تدمير القمر الصناعي وتفتيته إلى نحو 150 ألف قطعة، وشاعت أقوال حينها بأن الصين أرادت من هذه التجربة الفضائية اختبار قدرتها على تدمير الأقمار الصناعية المعادية.
ومؤخرا، وتحديدا في مارس الماضي، أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن صاروخا فضائيا محلي الصنع، نجح في تدمير قمر صناعي في مدار قريب من الأرض.
وأعلن مودي أن الهند باتت "قوة فضائية كبرى"، مشيرا إلى أن الصاروخ تمكن من إصابة القمر الصناعي في أقل من 3 دقائق.