رشوان توفيق.. الفنان الذي رأى الأنبياء في منامه
كتب محمد شوقي موقع السلطة
ملاحمه الطيبة ووجه السمح الذي يبعث في القلب الطمأنينة وصوته الهادئ وكلامه الذي ينطق نصفه قرآن كريم أو أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم.
فنان لم يختلف عليه أحد في موهبته وحضوره، وفي أخلاقه حدث ولا حرج، فالكبير قبل الصغير من مختلف الأجيال التي سبقته والتي عاصرته والتي تلته وتليه كلها تقف له احترامًا وتقديرًا وحبًا.
الفنان الوحيد في تاريخ الفن العربي الذي أحبه الناس من أجله هو قبل فنه، تمتع بالشهرة الواسعة حبًا فيه أكثر من إعجابًا بأعماله وأن كانت عظيمة، لم يحظ فنان باحترام ومحبة الملايين من مختلف الأجيال والأعمار مثلما حظي به رشوان توفيق ليس من أجل فنه بل حبًا خالصًا لله، حتى الفنانين كبار الفنانين.
وقفت له فاتن حمامة تسلم عليه، ورمى عمر الشريف السيجارة لحظة ما رآه، وأول من اتصلت به شادية بعد اعتزالها الفن وارتدائها الحجاب، حج علي يده لأول مرة فريد شوقي، وكلما رآه عادل إمام يقبل جبينه، ولم يدخل على أحمد زكي في مرضه الأخير إلا رشوان توفيق، كل فنان كبير أو صغير يراه يقول له "ادعيلي يا حاج رشوان".
رشوان توفيق محمد، المولود في 24 نوفمبر 1933، تخرج في معهد الفنون المسرحية والتحق للعمل بالتليفزيون منذ إنشائه، حيث عمل مدير استديو ثم مساعد مخرج، حيث عمل مساعد للمخرج كمال أبو العلا في برنامج "من الجاني؟"، ثم تقدم لاختبار المذيعين ونجح ليصبح مذيعًا حتى ينطلق من الشاشة إلى مجالات فنية أوسع.
قدم برنامج شبابي، وعندما تكونت فرقة مسرح التليفزيون كان من أوائل المنضمين لها وشارك في أول مسرحية وهي شيء في صدري إخراج نور الدمرداش، وفي ذلك الوقت تم إسناد إخراج برنامج "من الجانى" له.
كان ضيف شرف في السينما ولم يكن له حظ وفير منها رغم مقاييس الموهبة والحضور والوسامة التي يتمتع بهم، ولكن للسينما حسابات أخرى لا تتفق مع حسابات رشوان توفيق، فكانت معايير بطل السينما أن يقبل أدورًا فيها الكثير من المشاهد التي يراها رشوان توفيق لا ترضي الله وتحترم الجمهور والأسرة المصرية.
لهذا كانت مشاركته في السينما محدودة للغاية، ولكن لا ننسى أدورا له في السينما مثل "بين القصرين" و"المرأة الأخرى" و"الاعتراف الأخير" و"ثورة اليمن" و"جريمة في الحي الهادي".
أما التليفزيون فهو ابن بار للتليفزيون المصري، فقدم ما يزيد على 200 مسلسل وسهرة تليفزيونية وفيلم تليفزيوني، ونال شهرته العريضة من خلال أعماله التليفزيونية.
كان أيقونة التليفزيون المصري، فشارك في أهم الأعمال التليفزيونية في تاريخ التليفزيون المصري مثل مسلسلات "أم كلثوم" و"ضمير أبلة حكمت" و"الشهد والدموع" و"الليل وآخره" و"بابا عبده" و"الشاهد الوحيد" و"صابر ياعم صابر" و"امرأة مختلفة" و"النوه" و"لن أعيش في جلباب أبي" و"عفاريت عدلي علام" و"أستاذ ورئيس قسم" و"سلسال الدم" و"السقوط في بئر سبع" و"المال والبنون" و"امرأة من زمن الحب" و"الحاوي" و"الأفيال" و"أخو البنات".
إلى جانب أنه كان قاسمًا مشتركًا في معظم ما أنتجته التليفزيونات العربية في المسلسلات الدينية والتاريخية لدرجة أنه كان لزامًا على من يقومون على إنتاج المسلسل الديني أن يكون فيه رشوان توفيق كما لو كان من غيره لا يكون مسلسل ديني، فكانت أشهر المسلسلات الدينية مشاركًا فيها باقتدار مما جعل الناس يتعلقون بمشاهدة المسلسل الديني لمجرد وجود رشوان توفيق فيه.
وشارك في مسلسلات مثل "لا إله إلا الله" و"محمد رسول الله" و"عمر بن عبد العزيز" و"أبو حنيفة النعمان" و"جاء الإسلام بالسلام" و"القضاء في الإسلام" و"ابن حزم" و"موسى بن نصير".
وقف على المسرح ليقدم أعمالًا تاريخية أيضًا واجتماعية وكوميديا مثل مسرحية "نرجس" مع سهير البابلي وحسن عابدين، ومسرحية "أخويا هايص وأنا لايص" مع سمير غانم.
اشتهر رشوان توفيق بأنه يمثل نفسه في الطبيعة فهو هو الرجل الطيب ابن الأصول المتدين الملتزم المحب للآخرين فكانت أدواره هي هي حياته وعندما تمرد على هذه الأدوار ليقدم أدورًا فيها بعض الشر نجح فيها ولكن لم يتقبله الجمهور فسرعان ما عاد لطبيعته.
اشتهر عن الحاج رشوان توفيق كما يطلق عليه كل من يعرفه أن التصوير يقف تمامًا وقت الصلاة، ويقوم بإمامة المصلين في الاستوديو، ولا يستطيع أحد أن يفعل عكس ذلك حبًا في الحاج رشوان توفيق الذي ملأ قلوب من يتعامل معه حب وإيمان.
واشتهر عنه أيضًا رؤيته الأنبياء في منامه، وكما قال في أحد البرامج التليفزيونية أنه رأى الخليل سيدنا إبراهيم عليه السلام، ورأى أيضًا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، كما رأى السيدة العذراء مريم عليها السلام، ورأى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يبكي كثيرًا كلما رأى هذه الرؤيا حتى إنه ذهب لأحد مشايخ الأزهر الكرام فبشره بالخير في الدنيا والآخرة أن شاء الله.
وقال إن حرصه على قراءة جزء من القرآن الكريم يوميًا بتدبر وعناية قبل نومه جعله يتأثر بما يقراءه، كما رأى رؤية خير للفنان يحيى شاهين وتحققت بإنجابه بنت بعد 15 سنة زواج له بلا إنجاب.
فقد رشوان توفيق ابنه الوحيد بعد عودتهما من رحلة الحج وكان قد أصيب ابنه بجلطة في القلب أودت بحياته وظل يردد رشوان توفيق سبع مرات "لا إله إلا الله إنا لله وإنا إليه راجعون لله ما أخذ وله ما أعطى".
تعرض منذ أيام قليلة لفاجعة موت زوجته ورفيقة عمره فكان يبكي عليها بكاء الطفل على أمه فضرب مثل أعلى في الوفاء والحب، ويكفي قوله عنها "كنا شخص واحد في جسدين"، وبكت مصر كلها على بكائه وتأثرت معه على حزنه وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوره وهو يبكي.
لهذا الحد أحبه الناس وكل من تعامل معه فلم يترك صغيرًا أو كبيرًا في محنة، ملأ الحب الخالص لوجه الله في قلوب كل من يعرفه وتعامل معه فاستحق الحب كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي {وجبت محبتي للمتحابين في}.