أحمد عكاشة في حواره مع «السُلطة»: المريض النفسي ليس بمجنون.. والفصام أشد الأمراض

 

مع زيادة الضغوط المعيشية والمشاكل الأسرية التى يتعرض لها الأشخاص يراودنا تساؤل، هل يمكن للطب النفسى أن يكون طوق النجاة وحلا للأزمات الناتجة عن هذه الضغوط؟، وأن يكون أحد الأسلحة الهامة لمواجهة الإرهاب والتطرف؟، وهل يمكن تغيير نظرة المجتمع للمرض النفسانى بإيجابية؟.

وكثيراً ما نحتاج فى مجتمعنا المزيد من الشفافية وعدم الإنسياق وراء تفسيرات واجتهادات شخصية مخادعة، لمحاربة وصمة المرض النفسانى.

وتلقى «السُلطة» الضوء على هذا الملف بتقديمها روشته للتعامل النفسى، من خلال حوارها مع الدكتور أحمد عكاشة، مستشار رئيس الجمهورية للصحة النفسية والتوافق المجتمعى وأستاذ الطب النفسي والرئيس الشرفي للجمعية المصرية للطب النفسي واتحاد الأطباء العرب النفسانيين، ورائد حملة إزالة وصمة المرض النفسي، والذى أطلقها، حتى نقف معه على بعض الأمور فى هذا الميدان.

 

_ الهدف من إطلاق حملة إزالة وصمة المرض النفسي؟

نحن بدأنا في  حملة ازالة الوصمة عن المرض النفسى لأن يوجد لدى شعبنا وفى مجتمعنا فكر خاطئ جدا عن مفهوم المرض النفسى، فمثلا لا يوجد تصنيف لمرض نفسى يسمى «مجنون»، فالمريض النفسى ليس بمجنون أبدا، المريض النفسى شخص منتج يستطيع أن يعمل ويتزوج وينجب أطفالا ويحصل على شهادات وبطولات، وذلك فى جميع دول العالم.

 

_ ما رأيك فى نظرة المجتمع للمريض النفسى وما تصفه؟

نريد أن نزيل هذه الأفكار التى تصف المرض النفسى أنه ليس له علاج، فهناك أفكار تقول أن المرض النفسى سببه أسياد السحر والحسد والمس والجن، ولكن هذه أفكار الدول المتأخره والتى يسودها الجهل.

الواجب علينا أننا نزيل الوصمة مثلما أُزيلت عن مرض السرطان، فقديما كان الناس يسمونه المرض بـ«الخبيث أو الوحش أو اللى ميتقالش».

أنا أريد أن يكون الشخص المصاب بمرض نفسى على قدر من الشجاعة ويصرح بأنه يعانى من الإكتئاب أو القلق لأن هذا كله قابل للشفاء إذا تم العلاج مبكرا

فإزالة وصمة المرض النفسى ستجعل الناس تتجه للعلاج كلما كانت المدة طويلة قبل العلاج مثلما لو ترك مصاب بالسكر دون علاج لمدة 5 أو 10 سنوات، إما سيموت أو يدخل فى غيبوبة، كذلك فى حالة المرض النقسى سيحدث تدهور شديد جدا.

 

_ هل يمكن التوقف عن علاج المرض النفسى؟

نعم، تستطيع التوقف عن علاج المرض النفسى لكن لا يمكن التوقف عن أخذ دواء في حالة الإصابة بأمراض القلب أو المخ أو السرطان أو السكر.

وهذا نوع من الإبتسامة أو البهجة للمريض النفسانى فنحنن نقف وراؤه ولا يخجل من الذهاب للعرض على طبيب متخصص.

 

_ هناك بعض الاعتقادات الخاطئة من بينها «أن المريض النفسانى لا يشفي» خاصة مرض الفصام؟ أو أن المرض النفسانى مرض معدى؟

إن الفصام أشد الأمراض ويعنى اضطرابات التفكير والشكل، والمحتوى، والتحكم، والتأثير، والعواطف، والادراك، والحواس، وقد يؤدى عدم العلاج الى تدهور في الشخصية حيث أن الدماغ هي أساس كل الاضطرابات النفسانية، وأن هناك نسبة كبيرة تشفي منه مع العلاج، والاعتقاد الخاطئ بأن الاضطراب النفسانى مرض معدي ليس صحيحا.

 

_ هل فشل الأهل في التربية والتنشئة يسبب المرض النفسانى؟

الحقيقة هي أن الأطباء النفسانيين منذ زمن فرويد والتحليل النفساني وكذلك علماء النفس والاجتماع قد اعتبروا الأسرة الركيزة الأساسية في تكوين شخصية الإنسان الفرد وما قد تعانيه من المرض النفساني، واهتم الكثيرون بالأسرة لتوضيح القوى المحركة لإحداث المرض وبالرغم مما بذل من الجهود في هذا الصدد، لا يوجد دليل علي أن الجو الأسرى أو سوء أو فشل الأهل في التربية يسبب المرض النفساني.

 

_ ما سبب المعتقد السائد بأن الأتقياء والصالحين لا يمكن إصابتهم بمرض نفسانى، وأن معظم المصابين بأمراض نفسية غير قادرين على العمل والزواج وتكوين أسرة؟

فكرة أن الصالحين والأتقياء لايمكن أن يصيبهم المرض النفساني نظرا لما يعتقده الكثيرون من أن الفصام إنما يعزي فقط لتسلط الشيطان علي ضعاف الإيمان، والحقيقة هي أن الفصام مرض عضوي في المخ مثله مثل بقية الأمراض التي تصيب أعضاء الجسم كأمراض القلب أو الشرايين أو المعدة أو الكلي أو العضلات أو العيون أو السكر وإنه يعالج كما تعالج هذه الأمراض بالأدوية المناسبة.

إن معظم من يعانون من الاضطراب النفساني غير قادرين علي العمل أو الزواج أو الحصول على بطولات هذا ايضا ليس صحيحاً.

 

_ ماذا تقول لأى شخص مصاب بمرض نفسانى؟

هذه فائدة توجيهنا لعامة الناس وليس فقط الطبقة المثقفة، ليس هناك داعى للإحراج من الذهاب إلى طبيب نفسانى، فهناك شفاؤك أكثر من الأمراض العضوية، ونحن سوف نسانده.