نادية لطفي.. صاحبة النظارة السوداء
كتب محمد شوقي موقع السلطةناديه لطفي، ابنة لرجل من محافظة سوهاج كان يعمل محاسب واسمه محمد شفيق، أما اسمها الحقيقي فهو «بولا» بينما كان يدللها والدها باسم «بومبي».
الحرحورة، من مواليد 3 يناير عام 1934 بحى الوايلى بالعباسية، بوسط العاصمة القاهرة، لأب مصرى، وأم بولندية حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية فى باب اللوق بمصر عام 1955.
اسم الشهرة اقتبس من بطلة الرواية الشهيره «لا أنام»، والتي كتبها إحسان عبدالقدوس، وجسدتها على الشاشة في تلك الفترة فاتن حمامة، ناديه هى من اختار الاسم عوضا عن الأسماء المقترحه من قبل المنتج رمسيس نجيب، مثل سميحه حمدي أو سميحة حسين وهو من اكتشفها وقدمها للسينما في فيلم سلطان عام 1958 .
قيل أن إحسان عبدالقدوس قد رفع قضية مطالبا بحقه الأدبي، بينما الحقيقة إنها كانت مجرد مزحة اطلقها مع المنتج حينها، وقد قامت ناديه لاحقا وعلى مر سنوات بتمثيل أفلام عديدة مقتبسة من روايات إحسان مثل «النظارة السوداء، وسقطت في بحر العسل».
ذكرت بولا عن والداها فى أحد حوارتها أنه رجل صعيدي النشأة، يتميز بقوة الشخصية والصلابة، لكنه من داخله كان رقيقاً ومثقفاً يجيد عدة لغات، وكان لهذا تأثير كبير على علاقته بوالدتي التي أحبته بجنون وتركت أوروبا وعاشت في صعيد مصر، وضحت بكل شيء من أجله، فعاشت معه في مسقط رأسه بالصعيد.
تزوجت بولا بإبن الجيران الضابط البحري عادل البشاري، وارتبطت به في عمر السادسة عشر وقبل حصولها على الثانوية العامة بسنتين أ ي قبل أن تبدأ مشوارها الفني تماما، وهو والد ابنها الوحيد أحمد.
واستمر زواجهما مدة قصيرة، أنجبت خلالها الابن الوحيد أحمد، وحين هاجر زوجها إلى أستراليا طلبت الطلاق منه لأنها لا تحتمل الحياة من دونه، واحتفظت بابنها معها.
تزوجت مرتين بعد ذلك، من المهندس إبراهيم صادق، مما جعلها هى وهدى ابنة الرئيس الراجل جمال عبدالناصر «سلايف» لفظة تطلق على زوجات الأخوة، كونها كانت أيضا مرتبطة باخيه حاتم صادق.
وتمت هذه الزيجة في أوائل السبعينات وبعد ستة أعوام من زواجهما شعرت خلالها بحاله من الإستقرار والهدوء، فوجئت بوضع جهاز تصنت من المخابرات المصرية في منزلها؛ فأرادت ان تعرف هذا لها ام لزوجها المرتبط بالرئيس عبد الناصر بصله قرابه .
ظلت فى حيره طيلة مدة زواجها من «إبراهيم» فإنتابتها حاله من الغضب والتوتر، مما جعلها تطلب الطلاق فانفصلت عنه بهدوء ولم تنجب منه أطفالًا بناءًا على رغباته.
أما الزوج الثالث فكان محمد صبري، شيخ مصوري مؤسسة دار الهلال الصحفية، الذى دخل حياتها بمحض الصدفه أثناء قيامها بتصوير فيلم سانت كاترين، وكان هو الآخر يستعد لتصوير فيلمًا له، فجمعهما مكان واحد، وسرعان ماعرض عليها الزواج فتسرعت بالموافقه وندمت فيما بعد لقصر مدة زواجهما وكثره المشاكل بينهما وانتهى الأمر بالانفصال.
قدمت نادية لطفى العديد من الأفلام وكان رصيد أفلامها على مدار 30 سنة، نحو 70 فيلما، أولهم سلطان، عام 1959، ولكن كانت البداية الحقيقة لها فى أفلام النظارة السوداء وللرجال فقط، وصلاح الدين الأيوبى، وحصلت على العديد من الجوائز أهمها من مركز الكاثوليكى وجائزة ومن المؤسسة العامة للسينما، وجائزة مهرجان طنجة، والتقدير الذهبى من الجمعية المصرية لكتاب السينما.
أثناء العدوان الثلاثى على مصر حيث قامت بدور الممرضة لإسعاف المرضى والمصابين فى المستشفيات، ونقلت مقر إقامتها إلى مستشفى قصر العينى أثناء الحرب للمساهمة بالمجهود الحربى.
أما عن دورها الرئيس الفخرى لجمعية «الحمير» المصرية قالت :
حاول زكي طليمات مؤسس المسرح المصري أن يجمع بين قلوب تكاتفت على أهمية دور الحمار في الحياة اليومية لأنه يجب ألا نتجاهل هذا الدور، وذلك ردًا على قيام الاحتلال الإنجليزي بمنعه من إنشاء المسرح القومي، لأنه يندرج ضمن الممنوعات السياسية في ذلك الوقت حيث كانت جمعية الحمير الخيرية تستهدف إيجاد مسرح مصري خالص بعيدًا عن تدخل القصر في ذلك الوقت في الشؤون المسرحية بتحريض من الاحتلال الإنجليزي.
أضافت لطفي: «الجمعية رفعت شعار الحمار كأحد أهدافها الرئيسية للدفاع عنه في مواجهة القسوة عليه، مما دعا طليمات إلى أن يتضامن هو ومجموعة من عاشقي الفن المسرحي على أن يتخذوا من خصال الحمار سبيلًا وبدا الجميع في خط أن يحرن مثل الحمار حتى يواصلوا المسيرة لإنشاء المسرح القومي».
وتابعت: «حاول طليمات أن يحصل على إشهار رسمي من الحكومة المصرية خلال الفترة من 1928 وحتى عام 1933 ولكنه تم رفض طلبه من السرايا، الملك فؤاد في ذلك الوقت، والاحتلال الإنجليزي الذي علل الرفض بغموض الاسم وأن اسم جمعية الحمير المصرية له مدلول سياسي يعترض عليه القصر الملكي والاحتلال الانجليزي، مما أدى في النهاية إلى عدم إشهار الجمعية».
واستعادت ذاكرة الأيام الجميلة: «العمل الخيري هو أساس النجاح وتم الاتفاق على آليات العمل الخيري لمساعدة الحمير، من خلال أن تضم الجمعية في عضويتها أصحاب العمل الخيري الفريد، موضحة أن أعضاء الجمعية يراقبون الأعمال الخيرية التي ينفذها الراغبون في الانضمام لعضوية الجمعية قبل الموافقة عليه».
أضافت: «لدينا تصنيفات للأعضاء العاملين بالجمعية طبقًا لأقدميتهم في العمل التطوعي، والتي يتم تدوينها في كروت العضوية الخاصة بكل منهم، ومن هذه التصنيفات أن يحمل العضو الحديث أو المبتدئ لقب «حرحور» نسبة إلى الحمار الصغير، ثم لقب حمار، يليها لقب حامل الحدوة، حتى نصل إلى الأعلى منزلة في العضوية وهو لقب الحمار الفخري، أو ما يطلق عليه الحمار الأكبر.
قالت نادية لطفي: «لدينا طقوس تستهدف إضفاء البهجة والمداعبة منها محاولة البعض أن يهدي صديقه عضو الجمعية حزمة برسيم، أو شوية تبن، أو أن يداعبه بقوله (نلتقي في الزريبة)، تأكيدا لمكانة الحمار في الحياة اليومية للمصريين وخاصة عامة الناس وبسطاءهم»، مضيفة: «الحمار رمز يشحن الإنسان للعمل من أجل الوطن وأوضاع الرفق بالحيوان هو ملف ضمن الملفات المصرية الأخرى في جميع المجالات وأي تقدم في هذه الملفات لابد أن ينعكس على تقدم ملف احترام ورعاية الحيوان».
اعتذرت الفنانة نادية لطفي، عن دعوة التكريم التي تلقتها من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجناحها المسلح «كتائب الشهيد أبوعلى مصطفى»، تقديرا لدورها في دعم القضية الفلسطينية.
قالت «لطفي»، فى هذا الموضوع فى يونيو 2014 :
إنه يسعدها المشاركة في أي حدث يدعم القضية الفلسطينية، التي تراها قضية كل العرب، ولكنها فخورة بالتكريم الذي نالته من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، الذي جاء بنفسه إلى منزلها، وأهداها شاله، تقديرا لمواقفها العروبية، ودورها الأسطوري في فترة الحصار الاسرائيلي لبيروت، وهو تكريم تراه كافيا ولا يعادله أي تكريم آخر.
أعربت الفنانة عن ألمها من حالة التشتت والتشرذم التي أصابت المقاومة الفلسطينية، وانقسامها بين فتح وحماس وجبهة ديمقراطية وأخري شعبية إلى آخر أسماء الفصائل الفلسطينية، في حين أن الواجب كان يحتم عليها الوحدة والاصطفاف في مواجهة العدو الاسرائيلي.
تعد نادية لطفي، الفنانة المصرية الوحيدة التي اخترقت الحصار الإسرائيلي لبيروت عام 1981، وعاشت مع قوات المقاومة الفلسطينية في خنادقها طوال أيام الحصار الصعبة، وكادت تفقد حياتها عدة مرات برصاص القناصة الإسرائيلية، وسجلت ووثقت تلك الأحداث صوت وصورة، وساهمت في رفع روح المقاتلين الفلسطينيين باعتراف قادتهم.
جاء قرار اعتزالها منذ 30 عام تقريبا، ورغم اختيارها الاعتزال، إلا أنها رفضت العزلة والاختفاء مثلما فعلن ممثلات أخريات، فهي من أكثر الفنانات نشاطا وحضورا في المناسبات الاجتماعية المختلفة، كما أنها دائما ما تشارك برأيها حول الأوضاع السياسية.
وأكدت أن قرار إعتزالها جاء في الوقت المناسب قبل أن يرفضها الجمهور، خاصة في ظل اختلاف نوعية الأفلام وطبيعة الموضوعات التي تناقشها بالإضافة إلى اعتماد الأعمال الفنية على نجوم شباب.وكان أخر أفلامها الأب الشرعي عام 1988، لتقرر التفرغ لنشاطاتها الخيرية والسياسية.
في مقال كتبه الإعلامي مفيد فوزي عن نادية لطفي، أشار إلى أن الشاعر الكبير كامل الشناوي لخص شهامتها ورقتها، قائلاً: «إنها نادية ولطفي، فهى المرأة التي تحمل جمالا وأنوثة طاغية، وهي أيضا صاحبة المواقف الرجولية».