الشّيخ والسّت.. سر قصة اللقاء الوحيد
كتب محمد شوقي موقع السلطةالشيخ سيد درويش، استمع لأم كلثوم ذات ليلة هادئة في الصَّيف الأخير عام 1923، كان حَزيناً ويَحمل ثُقل العالم على كَتفه، قَلبه المَدْمِي على فُراقِ حَبيبته «جَليلة»، وإلهامُه المُتوقّف بعد خلافات أدّت لحلّ فرقته الخاصة، ثم يأتي خَبر وفاة أخته من الإسكندرية، الأخت الأعز والأقرب، فيُجْهِز عَليه تماماً، ويَهْرَب إلى رأس البَر.
ومالِك الفُندق الذي سَكَنَ فيه هُناك لاحظَ الهَمّ على وَجْهه، ذهبَ إليه مُحاولاً التَّهوين، أخبره أن فتاة ريفية صَغيرة، لَم يَسْمَع أجمَل من صوتِها صوتاً، ستغُنّي الليلة في صالة الفُندق، وربما يأنس قليلاً إن قرر المَجِيء في آخرِ اللَّيل.
موضوعات ذات صلة
- أحمد موسى: خلافات بين عناصر جماعة الإخوان الإرهابية في تركيا (فيديو)
- شايان الحضري ترقص على أغنية «نمبر 1» (فيديو)
- 16 فبراير ..«التجاري الدولي» يضم كوادر جديدة بالإسكندرية
- خالد الجندي: هذا الرجل من أولياء الله الصالحين
- بإطلالة عارية.. بيونسيه تخطف الأنظار في حفل سنوي
- سلع مجهولة المصدر تكشفها حملات تموينية مكبرة في المحافظات
- «أمن الإسكندرية» يضبط تشكيلا عصابيا اختطف طالبا لطلب فدية بالمنتزه
- بعد غيابها عن الساحة الفنية.. مروى تعود بمفاجأة لجمهورها
- شذى حسون تنتهي من تصوير أغنية «واعر»
- حماقي ومايا دياب في حفل عيد الحب بالتجمع الأول
- «اشرب شاي» تتجاوز المليون مشاهدة على يوتيوب (فيديو)
- حكيم يدُاعب هنيدي في فيديو ساخر: «الجاكيت بيفكرك بإيه؟»
الشَّيخ كان يَخافَ من الوحدة ويُحِبّ الوَنَس ويَأْمَن بالله ويَبتغي رَحمته، ولذلك فحينَ ذَهبَ في آخر هذا اللَّيل، وسَمَع الفتاة التي لا يَعرُف اسمها تُغَنّي أنشودَة «مَوْلاي كُتِبَت رَحمة النَّاس عَلَيْكَ» شَعَر بالرَّعْشَةِ في جَسِده، حتى إذ أكْمَلَت بقولها «فَضلاً وكَرماً» فأحس وكأن رُوحه أُفْرِغَت من كُلّ هَم.
مالِك الفُندق كان يراقبه، ورأى الوَجْد في مَلامِحه، فذهبَ إلى الفتاة وهَمَسَ إليها بأن «سيد دَرويش» هُنا، وسيكون من الحَسَن أن تُغَنّي شيئاً من ألحانِه، وأم كلثوم ارتبكت، شَعرت كم أن تِلكَ لَحْظَةً مُهيبة، حيث الرَّجُل الذي تَعتبره أهم مُلَحّني مِصرإلى جانِب شَيخها «أبو العلا محمد» يَجْلِسُ هنا ويَستمع إليها.
استحضرت الصَّغيرة كل ما تملكه من بأسٍ، وبدأت تُغنّي «والله تستاهل يا قلبي»، أحد أحْزَن وأثْقَل ما لَحَّنه «درويش البحر»، والشَّيخ فوجِئَ وانْدَهَش، ثم استمع مُنْغَمِسَاً، وحين انتهت، صَفَّق كَثيراً، ذَهَبَ إليها، وسأل عن اسمها فأجابَته.
وما لم يَلاحظه أحد في تِلك الليلة أن الشَّيخ كان يُقْتَل حَنيناً، رآها «تَكمل النَّغم بكُلّ وجدانها» فـ «لا تُغنّي اللَّحن ولكن تَعِيشه وتحياه»، ولذلك فقد «رأى نَفسه في صوتها» وشعر أنه «يعيش من جديد لحظات تَلحين الأغنية وتسجيلها».. وقت أن كان يَبْكِي ويتهدَّج صوته مع كُلّ جملة يُناجِي فيها أملاً مُعلَّقاً، لا يَكْتَمِل ولا يَذْهَب، وحين أباحَ بكل ذلك لصديقه «علي حَمَّاد»، أتبَع بأن «هذه الفتاة، أم كلثوم، سيكون لها شأناً كبيراً في يومٍ من الأيام».
والشَّيخ مات، بعدها بأقلِ من شهرين، ولم يَرَ «أم كلثوم» وهى تُغَنّي في القاهرة للمرةِ الأولى، ليلة وفاته كما تقول بعض المصادر، فلا يَنْقطع صوتها عَن المدينة بعد ذلك أبداً، حتى بعد 120 سَنَة من مِيلادها.