فتوى الأزهر التي خضع لها جمال عبد الناصر وأبكت أم كلثوم
محمد شوقي موقع السلطةفي الستينات، سمعت السيدة أم كلثوم في برنامج «علي الناصية»، واستضافت السيدة آمال فهمي، أحد طلبة الأزهر الشريف المغتربين، وسألته عن دراسته ومشاكله التي يواجهها في حياتة بالقاهرة، فأجاب هي كثرة المصروفات خاصة أنه من أسرة فقيرة، وأن منحة الأزهر لا تكفيه وهذا ليس حاله فقط بل حال كثير من طلبة الأزهر الشريف المغتربين.
فور سماع هذا التسجيل، فكرت أم كلثوم، أن تساعد طلبة الأزهر الشريف غير القادرين خاصة أن نشأتها نشأة دينية وأنها كانت تعاني في يوم من الأيام مما يعانون منه، وهداها فكرها لفكرة قديمة كانت تتمنى تنفيذها وهي تسجيل القرآن الكريم كاملا مرتلا بصوتها وطبعه على أسطوانات وبيعه وتخصيص دخله بالكامل لطلبة الأزهر الشريف غير القادرين
أجرت أم كلثوم، اتصالا على الفور بالزعيم جمال عبد الناصر، لتأخذ رأيه في ذلك، فرحب بهذه الفكرة بل وعرض عليها مساهمة شخصية منه بشراء 1000 أسطوانة مقدما، وعندما شرعت في تنفيذ هذه الفكرة بالفعل كان الأزهر علم بها خاصة بعد ما قامت الصحف المصرية بنشر الخبر، وما إن علم شيخ الأزهر الشريف حينها الشيخ محمود شلتوت، في ذلك الوقت، حتى ثار ثورة كبيرة وجمع كبار شيوخ واساتذة الأزهر الشريف لمنع أم كلثوم من تسجيل القرآن الكريم بصوتها مرتلا.
موضوعات ذات صلة
وبالفعل اتصل شيخ الأزهر الشريف، بالزعيم جمال عبد الناصر، يبلغه عدم موافقة الأزهر الشريف بالإجماع على تسجيل أم كلثوم، القرآن الكريم بصوتها، وحينما سأله الزعيم جمال عبد الناصر، لماذا؟ قال له الشيخ شلتوت لا يجوز لامرأة أن تقرأ القرآن الكريم على مسامع الناس، وإن كان الهدف نبيل حتى لا يقتدي بها مطربات أخريات فيما بعد وتصير سنة في الأعوام التالية مع كامل احترامي لصوت ومنزلة السيدة أم كلثوم كامرأة لها كل الاحترام، ولكن من يدري فيما بعد تأتي مطربة أخرى تغني أغاني خليعة من ناحية ثم تقوم بتسجيل القرآن الكريم بصوتها من ناحية أخرى.
وعلى الرغم من تفتح عقل الشيخ محمود شلتوت، وراجحة عقله، كما هو معروف عنه خاصة أنه ألف كتاب اسمه «القرآن والمرأة» يتحدث فيه عن تكريم المرأة في الإسلام من خلال وحي القرآن الكريم، ويعد هو أول من أطلق لقب الإمام الأكبر على من يتولى مشيخة الأزهر الشريف، وكان رحمه الله متفتحا مستنيرا، ودخل مع الزعيم جمال عبد الناصر في أكثر من صدام كان آخرها هذا الموقف، إلا أن الزعيم جمال عبد الناصر كان في صالح فتوى الأزهر الشريف، الذي أصدر بيانا كاملا بالفتوى بسبب ما بدر من السيدة أم كلثوم ونشرت هذه الفتوى في جميع الصحف الرسمية بإجماع علماء ومشايخ الأزهر الشريف.
وهذا الأمر يجعلنا ننصف أيضا الزعيم جمال عبد الناصر، الذي كان رأي الأزهر الشريف عنده لا يعلو على أي رأي آخر حتى لو كان رأيه من الناحية الشرعية عكس ما يشاع عنه رغم قوة ومتانة علاقتة بالسيدة أم كلثوم
وكانت صدمة عنيفة للسيدة أم كلثوم التي ما إن تماثلت منها إلا وفكرت في إنشاء دار لتحفيظ القرآن الكريم وتعاليمه تحت إشراف الأزهر الشريف وتحفيز الطلبة على هذا من خلال جوائز قيمة توزعها بنفسها كل عام على حفظة القرآن الكريم، ووافق الأزهر الشريف دون قيد أو شرط.
وعندما قابلت السيدة أم كلثوم، شيخ الأزهر الشريف، الشيخ محمود شلتوت، قبلت يده قائلة له «كنت أتمنى أقدم شئ لله وفضلتك حرمتني منه»، فضحك قائلا لها «ما تقدميه الآن هو أسمى وأجل وأبقى لك دنيا وآخره»، وبعد ذلك بأشهر معدودة رحل الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، محمود شلتوت، في ديسمبر 1963، وكانت السيدة أم كلثوم، أوائل من حضروا في منزله للعزاء فيه.