قصة فاطمة التي أصبحت نجلاء فتحي.. أحبها الدنجوان وراهنت على إيناس الدغيدي

لم تتنازل يومًا عن الفن الهادف الجيد، ولم تعمل إلا أعمالا ذات قيمة خاصة بعد فترة النضج الفني، وتُعد فترة الثمانينات أنضج مراحلها الفنية على الإطلاق.

ومن هذه الأفلام (الشريدة، غدًا سأنتقم، مدافن مفروشة للإيجار، اشتباه، ديسكو ديسكو، اللص، إحذروا هذه المرأة، لعدم كفاية الأدلة، تحت الصفر).

ولم تعد في كل هذه الأفلام نجلاء فتحي برومانسيتها ورقتها، بل تخطت كل هذا بكثير لنجدها امرأة مقهورة من زوجها في «لعدم كفاية الأدلة»، وامراة تنتقم من زوجها في فيلم «غداً سأنتقم»، وشريرة في فيلم «امرأة مطلقة»، وناظرة مدرسة في فيلم «ديسكو ديسكو».

إلى أن جاء فيلمها الرهيب في الأداء والموضوع والشخصية «الجراج» الذي تتحدث فيه عن أم تواجه الفقر والمرض والموت في مأساة فنية إنسانية.

فاطمة الزهراء فتحي، مواليد الفيوم 21 ديسمبر 1950، اكتشفها المنتج عدلي المولد، ليقدمها للعندليب عبد الحليم حافظ، الذي تربطه بها علاقة قرابة وصداقة، ويتحمس لها العندليب ويتفق معها على الاشتراك مع نادية لطفي في فيلمه الأخير «أبي فوق الشجرة»، ولكنها قد تعاقدت مع رمسيس نجيب على بطولة ثلاثة أفلام، ما أثار غضب عبد الحليم حافظ وسحب منها الفيلم.

هذا، وقد اختار اسمها الفني بعدما كان هناك إجماع على ألا تظهر باسم زهرة بسبب وجود الفنانة الكبيرة زهرة العلا.

رمسيس نجيب عندما رآها عمل لها اختبار كاميرا عبارة عن مشهد فتاة يترك لها حبيبها جوابًا لينهي فيه علاقة حبهما.. وقال لها: «وريني هتتصرفي إزاي».. فاندمجت وأخذت الورقة ومزقتها تحت قدميها في مشهد أثار دهشة الجميع فصفق لها رمسيس نجيب الذي لم يتوقع منها رد فعلها التمثيلي، وتبناها رمسيس نجيب.

استعان بالفنان الكبير عبد الوارث عسر ليتقنها اللغة العربية السليمة وأتى بمدرسين لها في اللغة الإنجليزية والفرنسية، إلى جانب اهتمامه بملابسها و ميكاجها وطعامها ونومها، حتى أصدقائها كان حريصًا على اختيارهم لها، فلم يكن مجرد منتج بل كان أبًا، وكان هذا دأبه مع كل من يقدمه من نجوم ونجمات.

قدم مع نجلاء فتحي أكثر من نصف أفلامها، ومن أبرزها (حب وكبرياء، لا يامن كنت حبيبي، البنات لازم تتجوز، أجمل أيام حياتي، جنون الحب، قمر الزمان، سنة أولى حب، سونيا والمجنون، أبو ربيع، وموعد مع الحبيب).

كانت نجلاء فتحي، في فترة السبعينيات، تُعيد أفلام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وكانت هذه الأفلام تنجح عكس ما كان متوقعًا حتى أن الكثير من النقاد والمخرجين قالوا عنها فاتن حمامة السبعينيات.

قدمت ثنائيًا فنيًا مع النجم محمود ياسين، من أميز ثنائيات الرومانسية في فترة السبعينيات، أثمر عن 25 فيلم، أهمها (الوفاء العظيم، بدور، حب أحلى من الحب، الشيطان امرأة، الشريدة، أختي، تمضي الأحزان، أنف وثلاث عيون).. وتم تكريمهما معا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كأفضل ثنائي فني رومانسي في السينما المصرية.

كانت علاقة نجلاء فتحي بالدنجوان رشدي أباظة علاقة من نوع خاص، فكان لها بمثابة الأب والأستاذ، ولكن قلب رشدي أباظه مال ناحيتها، بل وأحبها لدرجة أنه كان يقبل أي عمل معها دون أن يهتم بمساحة الدور أو وضع اسمه عليىالأفيش أو الأجر، وهو ما لا يفعله مع غيرها إطلاقًا.

شاركها رشدي أباظة في 15 فيلمًا، أبرزها (صراع المحترفين، روعة الحب، القاضي و الجلاد، البيت للمدرسة، المتعة والعذاب).. وكان آخر أفلامه معها فيلم «الأقوياء»، الذي مات في نصفه ولم يكمل تصويره.

وتذكر النجمة نجلاء فتحي، في مذكراتها، التي نشرت في مجلة الكواكب، منذ ما يقرب من عشرين عامًا، أن رشدي أباظه قال لها عندما اشتركا معا في ثالث فيلم بينهما «روعة الحب»: «بكرة اسمك يبقى قبل اسمي».. وقد كان، فلم يغضب عندما وُضع اسم نجلاء فتحي قبل اسمه في باقي الأفلام التي اشتركا فيها.

اشتركت نجلاء فتحي مع كبار نجوم الشاشة ومخرجيها، وتميزت موهبتها بالتلقائية والعفوية، والمرح، فقدمت ثنائي مع نور الشريف في أفلام (المرايا، دمي ودموعي وابتسامي، ثم تشرق الشمس).

واشتركت مع الفنان القدير حسين فهمي في أفلام (وداعاً للعذاب، لا وقت للدموع، وعاشق الروح).

ومع محمود عبد العزيز في أفلام (أقوى من الأيام، حب لا يرى الشمس، وأنا في عينيه).

ومع أحمد زكي ارتبطت به ارتباطاً فنيا في أفلام (إسكندرية ليه، أحلام هند وكاميليا).. وارتبطت به عاطفيًا فقد كان هناك مشروع زواج بينهما ولم يتم واحتفظا الاثنان بالصداقة.

وتعاونت مع الزعيم عادل إمام في أكثر من عمل ولكن دون أن يجمعهما فيلم كبطل وبطلة، ولعل أهم فيلم جمعهما هو «صابرين» عام 1977.

الثمانينات.. رحلة نجلاء فتحي من الرومانسية للواقعية

تعاونت نجلاء فتحي مع كبار مخرجين الشاشة أمثال يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ وبركات وحسن الإمام، وعاطف سالم، ونيازي مصطفى، وحسام الدين مصطفى، وأشرف فهمي، وحسين كمال.

جاءت فترة الثمانينات وغيرت نجلاء فتحي من جلدها الفني تمامًا على عكس بنات جيلها التي لم يفعلن ما فعلته، فابتعدت عن الرومانسية واتجهت للواقعية.

فهي أول فنانة تتحمس للإخراج النسائي فقدمت إيناس الدغيدي في أولى أفلامها «عفوا أيها القانون» عام 1984 في سابقة لم تحدث من قبل، بل وقالت للمنتج: «متنازلة عن أجري بعد نجاح الفيلم» حتي يثق المنتج في مخرجة، وقد كان، نجح الفيلم ونجحت نجلاء فتحي في دور جديد مختلف، ونجحت إيناس الدغيدي، والذي يعد هذا الفيلم من أهم أفلامها على الإطلاق نظرًا لأهميته القصوى.

ويقال أن هذا الفيلم ساهم بشكل كبير في تعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية للمرأة.

ثم كان التغيير الأكبر من خلال فيلم «المرأة الحديدية» عام 1986، والتي تخلت فيه عن أنوثتها ورومانسبتها تماما لكي تصير بطلة كاراتيه، وكان هذا الفيلم لنجاحه أثر كبير في موجة سينمائية جديدة لبطلات أفلام أكشن مثل سماح أنور.

أحلام هند وكاميليا.. تميمة الجوائز في مشوار نجلاء

الفيلم الذي رأينا فيه نجلاء فتحي الرومانسية الخادمة التي تتطلع لحياة الرفاهية، ولكن الحياة لم تستجب لها.

حصلت على 10 جوائز في هذا الفيلم، وتم تصنيفه واحدا من ضمن أفضل فيلم سينمائي.

اتجهت للإنتاج، وأنتجت فيلمًا واحدًا «سوبر ماركت» مع عادل أدهم وممدوح عبد العليم، وحصلت فيه على 7 جوائزـ و تم تصنيفه أيضًا ضمن أفضل فيلم سينمائي.

قدمت نجلاء فتحي آخر فيلمين لها في السينما، ولم يلق أي نجاح جماهيري أو فنيا فيلمي «كونشرتو درب سعادة، بطل من الجنوب».. ثم اختفت!

قدمت في التليفزيون المصري مسلسلا يعد الأشهر في تاريخ الدراما المصرية مسلسل «ألف ليلة وليلة» مع حسين فهمي.. فهي أول من قدمت ألف ليلة وليلة في التليفزيون المصري، ويعد أيقونة فنية خالدة تعيش حتى وقتنا هذا منذ عام 1984، ويكفي أغنية التتر لسميرة سعيد «احكي يا شهرزاد».

قدمت في الإذاعة أكثر من مسلسل ناجح جماهيري على رأسها «أرجوك لا تفهمني بسرعة» أمام العندليب عبد الحليم حافظ الذي صالحها بهذا المسلسل بعد الخلاف بينهما في بداية حياتها الفنية.

تزوجت نجلاء فتحي 4 مرات.. المرة الأولى سرًا من أحمد عبد القدوس ابن الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، والثانية من الفنان سيف أبو النجا الشقيق الأكبر للفنان خالد أبو النجا، و أنجبت منه وحيدتها ياسمين.

أما المرة الثالثة من أحد أمراء الخليج العربي، وكان زواجا سريًا وخفضت فيه نشاطها الفني لأقصى درجة.

وتأتي المرة الرابعة من الكاتب الصحفي حمدي قنديل، وهو أكثر زاوجها شهرة و استمرارا.

ومن المشهود لنجلاء فتحي علاقتها الطيبة بزملائها، والوقوف في أزماتهم الصحية؛ فلم تترك سناء جميل ولا عادل أدهم ولا عاطف سالم، ومديحة يسري ونور الشريف وأحمد زكي، ورشدي أباظة، ومحمود عبد العزيز أثناء مرضهم، أو حتى وفاتهم.. كما أنها تُشارك في جمعيات خيرية لرعاية أطفال الشوارع والأيتام والمسنين.

انعزلت وانزوت نجلاء فتحي في الفترة الأخيرة نظرًا لمرضها التي تعاني منه رغم امتثالها للشفاء، لكن يعاودها من آن لآخر.. شفاها الله و متعها بالصحة والعافية.