صاحب النهضة.. كيف أسهم محمد علي في بناء مصر الحديثة؟
كتب أحمد عبدالله موقع السلطةبعد قدومه على رأس كتيبة لمواجهة الحملة الفرنسية في مصر، بايع الأعيان والعلماء والأشراف محمد على ليكون واليًا على مصر في مايو من العام 1805 ليقر السلطان ولايته فيما بعد، وتستمر فترة حكمه حتى عام 1848.
وفي كتابه ”محمد على وأولاده” يقول المؤرخ جمال بدوي إن ظهور محمد على كان إيذانا بأفول ثلاثة قرون من الجهل والضعف والتخلف عاشتها مصر تحت حكم العثمانيين، وبزغت بظهوره نهضة جديدة أخرجت مصر من كبوتها ودفعت بها إلى مستوى الدول القوية.”
الوالي، الذي جاء إلى مصر ولا يعرف المصير الذي ينتظره، كان قد ولد في العام 1770 ميلادية بينما أشاع عن نفسه أنه من مواليد 1769، ويعلق على هذا الفعل الكاتب الصحفي عماد الغزالي في كتابه ”حكايات من زمن الوالي” قائلا: حتى تاريخ ميلاده اخترعه ليكون في نفس العام الذي ولد فيه معشوقه ومثله الأعلى نابليون بونابرت، رغم إجماع المؤرخين على أن ولد في العام 1770.
موضوعات ذات صلة
- بايدن وزوجته يكشفان عن حجم مداخيلهما
- عاجل.. الزمالك يتدخل لإفساد صفقة الأهلي المنتظرة
- مصدر أمني يكشف تفاصيل واقعة تحرش شاب بفتاة في طنطا
- مصر تستقبل أول ثلاثة جرحى قادمين من غزة عبر معبر رفح
- رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير العشوائيات
- مصر للطيران تسير 50 رحلة غدا الثلاثاء
- عاجل.. قمة مصرية فرنسية بين السيسي وماكرون بعد قليل
- وزير الخارجية يتلقى اتصالين هاتفيين من نظيريه اليوناني والهولندي
- سامسونج تكشف عن رؤيتها في الجيل الجديد من شاشات OLED
- مجلس الشيوخ يبدأ مناقشة مشروع قانون الصكوك السيادية
- تونس تدين ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينين في جلسة لمجلس الأمن
- الزمالك: سببان يؤجلان ملف تجديد عقود اللاعبين
ولد محمد على في قولة بمقدونيا شمال اليونان، حيث كان بارا بمواطنيه المقدونيين، وفق ما يؤكده إلياس الأيوبي في كتابه ”محمد على ” مستكملا: يقابلهم ببشاشة وعطف، بارًّا ببلاده وبمسقط رأسه؛ ما فتئ طول حياته يدفع عن أهل قوَله الضرائب المفروضة عليهم، وما فتئ محافظًا على المنزل الذي ولدته فيه أمه.
ويضيف: وكان كبير الإعجاب بالإسكندر الأكبر، كأن مواطنته لهم أوجدت بينهم وبينه أواصر قرابة؛ فيومًا إذ سمع بعضهم يذكر للإسكندر عملًا مجيدًا آخذًا بمجامع القلوب، ومثيرًا للإعجاب، هتف بخيلاء: «وأنا أيضًا من فيليبي!» وكان لا يميل إلى سماع شيءٍ ميله إلى سماع تاريخ المقدوني العظيم وتاريخ نابوليون، كأنه يشعر بأن التاريخ سيضعه يومًا ما بجانبهما في إعجاب البشر.
وتابع: وكان شديد الحب لأرض مصر هائمًا بها، حتى إنه قال يومًا لزائر من الغربيين: «إني أحب مصر حب المغرم الولهان بمالكة فؤاده، ولو كان لي عشرة آلاف عمر لأعطيتها كلها في سبيل الحصول عليها.»
وخلال فترة حكمه اهتم الوالي محمد على بإنشاء المدارس المختلفة، والمصانع وتعليم العمال بسرعة فائقة، والاستعانة بالخبرات الأجنبية في مجالات الجيش والتعليم والصحة والزراعة والتجارة، كما أرسل البعثات إلى أوروبا لتعليم أبناء البلد كي يعتمد عليهم فيما بعد ويوكل إليهم النهضة بشئون بلادهم.
وفي كتابه ”تخليص الإبريز في تلخيص باريز” يعلق رائد النهضة التعليمية في مصر رفاعة الطهطاوي قائلا: قويت شوكة الإفرنج ببراعتهم، وتدبيرهم، بل وعدلهم ومعرفتهم في الحروب، وتنوعهم واختراعهم فيها، ولولا أن الإسلام منصور بقدرة الله سبحانه وتعالى لكان لا شيء، بالنسبة لقوتهم وسوادِهم، وثروتهم، وبراعتهم وغير ذلك. ومن المثل المشهورة: إن أعقل الحكام أبصرَهم بعواقب الأمور.
ويضيف رفاعة: ولهذا تنبه المتولي على بلاد مصر أن يرجع إليها شبابها القديم، ويحيي رونقها الرميم، فمن مبدأ توليته وهو يعالج في مداواة دائه، الذي لولاه كان عضالًا، ويصلح فسادها الذي قد كاد يكون زواله محالًا، ويلتجئ إليه أربا لفنون البارعة، والصنائع النافعة، من الإفرنج، ويغدِق عليهم فائض نعمته، حتى إن العامة بمصر، وبغيرها، من جهلهم يلومونه في أنفسهم غاية اللوم؛ بسبب قبوله الإفرنج، وترحيبه بهم، وإنعامه عليهم، جهلًا منهم بأنه إنما يفعل ذلك لإنسانيتهم وعلومهم، لا لكونهم نصارى؛ فالحاجة دعت إليه.
ويتابع: ولا يتأتى لإنسان أن ينكر أن الفنون والصنائع الغربية بمصر قد برعت الآن، بل وقد أجدت بعد أن لم تكن، ويرجى بلوغُها درجة كمال وفوقان، فما أنفقه الوالي على ذلك كان في محله اتفاقًا، فانظر إلى «الورش» والمعامل والمدارس ونحوها، وانظر إلى ترتيب أمر العساكر الجهادية من أليات ومدارس حربية، فإنه من أحسن ما صنعه، وأحق ما يؤرخ من فعل الخيرات، ولا يمكن إدراك ضرورية هذا النظام إلا لمن رأى بلاد الإفرنج، أو شاهد الوقائع.
ويستكمل: وقد سارع (الوالي) في تحسين بلاده، فأحضر فيها ما أمكنه إحضارُه من علماء الإفرنج، وبعث ما أمكنه بعثه من مصر إلى تلك البلاد، فإن علماءها أعظم من غيرهم في العلوم الحكمية. وفي الحديث: «الحكمة ضالة المؤمن يطلبها ولو في أهل الشرك». قال بطليموس الثاني: «خذوا الدر من البحر، والسمك من الفأرة، والذهب من الحجر، والحكمة ممن قالها». وفي الحديث: «اطلب العلم ولو بالصين» ومن المعلوم أن أهل الصين وثنيون وإن كان المقصود من الحديث السفر إلى طلب العلم، وبالجملة حيثما أمن الإنسان على دينه، فلا ضرر في السفر، خصوصًا لمصلحة مثل هذه المصلحة.